إن أهم التحديات التي تواجه كافة الاقتصادات على الدوام هو البطالة والتضخم. ويمكن إضافة توزيع الثروة بين طبقات المجتمع إلى هذه التحديات، كون انعدامه يشكل عائقا أمام نموه بشكل سليم. وتظهر هذه التحديات بشكل جلي كتبعات ملازمة للأزمات الاقتصادية، ومنها ما نمر به هذه الأيام من أزمة شملت العالم أجمع. فقد أثرت هذه الأزمة على كافة الدول وإن كان التأثير متفاوتا، إلا أننا نعاني من كافة المشاكل السابق ذكرها، ليس كنتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية، إنما هي مشاكل هيكلية في اقتصادنا الوطني. فمعدل البطالة في مجتمع صغير السن مرتفع، وأسعار المساكن مشكلة مؤرقة للمواطن والحكومة. وعلاج هذه المشاكل لن يكون بالدخول في دورة صعود اقتصادية جديدة، فهي كما قلت هيكلية. إنما باعتماد أنظمة وقوانين تعالج المشكلة من جذورها، وهذه القوانين موجودة في النظام الاقتصادي الإسلامي.
يمكن للقارئ أن يتعرف على ماهية الاقتصاد الإسلامي في هذا الفيديو الذي انتشر مؤخرا على اليوتيوب، http://www.youtube.com/watch?v=jJN_3VQVPHA. وفيه يشرح الدكتور سامح العطوي أن الاقتصاد الإسلامي اقتصاد رأس مالي في الأساس، كونه يقوم على مبادئ السوق الحر وحرية الامتلاك. فهو لا يختلف مع الاقتصاد الرأسمالي في الجوهر، إنما في الأدوات التي يدار بها الاقتصاد، ونظرته إلى الموارد الاقتصادية والمال. فأساس الاقتصاد الإسلامي يقوم على إبقاء الموارد الاقتصادية في حركة دائمة للوصول إلى أقصى درجات الكفاءة والنمو. وهو في الوقت نفسه يحقق توزيعا عادلا للثروة عن طريق مكافحة احتكار الموارد الاقتصادية. هذه النقطة هي التي أخفق فيها الاقتصاد الرأسمالي الكلاسيكي، ما جير الاقتصاد بكامله لصالح قلة قليلة من المجتمع. وقد أثبتت الدراسات أن الاقتصاد ينمو بشكل أفضل عندما يزيد دخل كافة طبقات المجتمع وليس عندما يكون أسرع في طبقة الأغنياء فقط.
تطبيق أساسيات الاقتصاد الإسلامي سيدفعنا إلى جباية الزكاة على كافة الموارد المحتكرة، ومنها الأراضي البيضاء، مما سيساهم بالتالي في إخراج احتكارها لدى قلة قليلة إلى عموم الاقتصاد. وبالتالي فإن الأموال ستتوقف عن التوجه إلى قطاع العقار، وستبحث عن قنوات جديدة للاستثمار. هذه القنوات ستعمل على توفير السيولة للقطاع الخاص، وخاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، سواء كانت تجارية أو صناعية، ما سيعمل على تحويل هذه الموارد الاقتصادية إلى مولد للوظائف. ذلك أن مشكلة اقتصادنا الهيكلية ليست في عدم توافر السيولة، إنما عدم توجيهها إلى الأماكن المناسبة وتفعيلها بأقصى كفاءة ممكنة لصالح الاقتصاد والمواطن. بالطبع سيحتاج المجتمع لوقت ليس بقصير للتأقلم مع معطيات الاقتصاد الجديد، فهو لم يتعود على التعرض لأي نوع من المخاطر. فدائما ما كان العقار الابن البار الذي يمرض ولا يموت هو مخزن السيولة منعدم المخاطر.