بعض العناوين الرئيسة في صفحات الصحف الرياضية المتخصصة تكشف عقليات وفكر أصحابها الذين ينمّون التعصب، وينظرون للمنافسات الرياضية من منظار ضيق جداً، لدرجة أنهم باتوا يستهزؤون بمنافسي فريقهم المفضل على طريقة لعبة البلوت حكم.. العب.. أربعة!
ليس جديداً أن يكسب الهلال، وليست المرة الأولى أن يخسر النصر، لكن الحقيقة التي لم يتجاهلها التاريخ، أن النصر سبق له أن أقصى الهلال من بطولات الكأس، بل كسب أمام الهلال بطولات عدة، فلماذا تسخر الصحافة من خسارة للنصر جاءت نتيجة أخطاء لمدافعيه!
الدور الذي يجب أن تلعبه الصحافة النزيهة البعيدة عن الأهواء والميول، هو الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، لتؤدي دورها المهم تحليلاً ونقداً وتوجيهاً، وهي ثوابت تخلت عنها الصحف، واستبدلتها بعناوين تسيء لكل من ينتمي إلى بلاط صاحبة الجلالة!
إنها بهذه المواقف تخسر أنصار الأندية الأخرى وأولها النصر، لأنها لم تقدم عملاً يحترمه مشجعو الأندية المنافسة، هذا عوضاً عن أنها لم تقدم رؤية أو فكرة جديدة، إما لأنها لا تملك التفكير لتقديم عمل صحافي ثقيل ومؤثر، أو لأنها لا تريد ذلك، والحالتان ربما أنها تعاني من وجودهما!
والحقيقة التي لا يعرفها بعض العاملين في الصحافة الورقية ـ وأتحدث عنها عن الصحف الرياضية المتخصصة ـ، أنهم إذا استمروا على نهجهم وطريقتهم في الاكتفاء بنقل الخبر فقط دون تحليله أو البحث في ما قبل الخبر وبعده، فإن البعبع القادم، وأعني به الصحافة الإلكترونية سيسحب البساط منهم!
والواقع يقول إنه لم يعد للصحافة الورقية غير الرأي ـ وهذا أيضاً موجود في الصحافة الإلكترونية والمنتديات ـ، أما ما يتعلق بالخبر، فالبحث عنه لم يعد يحتاج عناء أو جهداً، بعد أن أصبحت وسائل الاتصال والمعلومة السريعة تملأ الكون!
لا شك أن هناك كمًا من الأحداث والقضايا والتصريحات التي كانت بحاجة إلى صحافة تعرف كيف تتعامل معها وتمحصها وتحللها من خلال استضافتها للمختصين تفعيلاً لدورها وأهميتها في المجتمع كـسلطة رابعة لم تعِ دورها حتى الآن.
تحدث رئيس نادي الاتحاد السابق منصور البلوي وقال قولته الشهيرة أتمنى تدمير الأهلي!، ولم تتعامل هذه الصحافة مع هذا التصريح الخطير إلاّ بالسكوت وإيجاد الغطاء، وعندما تحدث رئيس نادي الشباب خالد البلطان في تصريحه الفضائي الشهير عن أن الكبار ثلاثة متجاهلاً الأهلي والنصر، مرّ التصريح مرور الكرام على الصحافة الرياضية المتخصصة، وكأن المسؤولين في التحرير يقرون قولي البلوي والبلطان!
واليوم تواصل هذه الصحافة عملها الضعيف، فتجاهلت تصريح رئيس نادي الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد عن حكم مباراة فريقه أمام التعاون، والذي حمل كثيراً من الإساءة والسخرية بالحكم، وكذلك تصريحه الآخر بعد خسارة فريقه أمام الأهلي عندما علق على ذلك بعبارة لا تليق بالهلال ولا بالأهلي، عندما اختصر فوز الأهلي في مثل يستخدم للتقليل من شأن الآخرين بقوله عنز لو طارت!
هنا أسأل: أين الصحافة الرياضية من هذا، أين دورها التوجيهي والتنويري، ومتى سنقرأ فيها ما يشير إلى أن هذا صواب وهذا خطأ، ومتى سنرى تحليلات تنم عن وعي ومصداقية وموضوعية؟
والحمد لله أن الأهلي لم يكن بحاجتها للدفاع عنه وعن تاريخه ليؤكد أنه كبير في إنجازاته ورؤيته وفكر مسيريه، وها هو اليوم يوقع على ذلك عملياً، فالصدارة له، حتى وإن حاولوا إزاحته عن عرشه، وسيحاولون لاحقاً، لكنه يمضي بمساندة جماهيره ووقفة الشرفاء من محبيه وعشاقه!
والنصر سيعود، إن لم يكن هذا الموسم، فحتماً الموسم المقبل، حيث لا ينقصه شيء، فجمهوره يملأ المدرجات، ورجالاته يشار إليهم بالبنان، وكل ما يحتاجه فارس أمس واليوم والغد هو ثقة جمهوره بما تقوم به الإدارة.
سيبقى الأهلي.. وسيبقى النصر.. ولن تهزّ العناوين والتصريحات الكيانين الكبيرين.. لكنها بكل تأكيد هزت مصداقية الصحافة الرياضية.