تقرير الأمم المتحدة عام 2007 الخاص بمتابعة الدول الموقعة على الاتفاقية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة أشار إلى جهود المملكة في هذا الشأن، مما يبين أن المشاركة السياسية للمرأة باتت وشيكة ومجرد مسألة تنظيم

بكلمات معدودة تحت قبة مجلس الشورى صنع الملك عبدالله بن عبدالعزيز نقطة تحول تاريخية جديدة للمرأة السعودية. أمر بأن تستشار في أمور مجتمعها ووطنها كعضوة لأول مرة في تاريخ المملكة العربية السعودية. هذا القرار العظيم تأتي معه مسؤولية عظيمة من قبل كل امرأة سعودية بالقيام بواجبها المجتمعي في إيصال مشاكل المجتمع عامة والمرأة والطفل خاصة لقبة المجلس. هذه المسؤولية بتمثيل المجتمع الحقيقي وتركيبته تقودنا إلى أهمية وجود جمعيات ومؤسسات أهلية تطرح قضاياها واحتياجاتها من خلال ممثليها وممثلاتها بمجلس الشورى. ناهيك عن أهمية هذه المؤسسات في تسهيل مهمة اختيار أعضاء وعضوات المجلس من قبل الدولة لتتناسب مع احتياجات المجتمع بجميع فئاته.
ولتوضيح أهمية وجود الجمعيات الأهلية ووجود ممثليها في مجلس الشورى وخاصة في أمور المرأة والطفل سنستعرض بعضا من الإحصاءات المحلية. أشار بحث القوى العاملة لعام 1430 والصادر من مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات إلى أن عدد النساء السعوديات من سن الخامسة عشرة فما فوق من العاملات جاوز الـ500 ألف عاملة تقريبا من أصل حوالي ستة ملايين، وهو تعداد الإناث السعوديات الكلي فوق سن الخامسة عشرة، أي إن النساء السعوديات العاملات لا يمثلن سوى 8? من النساء السعوديات كافة! وهنا تظهر أهمية وجود من يمثل بقية الـ92? من النساء السعوديات واللواتي وإن تداخلت احتياجاتهن مع النساء العاملات المتخصصات إلا أن من حقوقهن كمواطنات سعوديات أن يتم تمثيلهن في المجلس حيث إن هذا أحد الأهداف الأساسية من قرار الملك بتمثيل المرأة أيا كان وضعها التعليمي أو الوظيفي.
في التعداد السكاني لعام 1425، شكل الأطفال (من هم دون سن الخامسة عشرة) ما نسبته 40? من التعداد الكلي للمملكة العربية السعودية. قد يرى البعض أن وجود معلمات أو أخصائيات اجتماعيات أو طبيبات أو قانونيات وغيرهن من المختصات يقوم بمهمة تمثيل هذه الفئة إلا أنه سيكون تمثيلا ذا بعد أحادي تخصصي بينما وجود مؤسسة أهلية من أمهات على سبيل المثال يضفي على الطرح بعدا شموليا مبنيا على واقع اجتماعي وتجارب بعيدة عن التنظير الأكاديمي وهذا ما يحتاجه المجلس حاليا.
هذه الأمثلة هي استعراض بسيط للتركيبة السكانية والمجتمعية التي من المفترض أن يتم عكس احتياجاتها في تركيبة أعضاء مجلس الشورى، ولعله من المهم توضيح أن لوجود هذه المؤسسات الأهلية دورا مكملا رئيسا للخبرات الأكاديمية الموجودة في المجلس حاليا وتفعيلا لحس المسؤولية المجتمعية للمشاركين في هذه المؤسسات.
لهذه المؤسسات دور فاعل مهم في عكس نسبة الاحتياجات المجتمعية كما هو الحال في استطلاعات الرأي العام والدراسات الميدانية وبالتالي تقوم بمهمة ترتيب الأولويات في أجندة مجلس الشورى الأهم فالمهم لدى المواطن والمواطنة والمجتمع. قضايا العنف الأسري المتكررة في قنوات الإعلام مثال حي لهذه الفائدة، فوجود جمعية أهلية تعنى بالمعنفين والمعنفات من أفراد المجتمع الذين عانوا ومازالوا يعانون من العنف الأسري سيعكس الصورة الحقيقية لهذه المشكلة من خلال طرحهم واستعراضهم لتجاربهم التي يعانون منها في ظلال الأعراف الاجتماعية وانعدام القوانين وضبابية الأحكام القضائية. هذه الجمعية ستواجه تنظير علماء الاجتماع والأطباء والقضاة والمحامين وصناع القرار أجمع بالواقع وبقاعدة الجبل الجليدي للعنف الأسري في المملكة العربية السعودية ومما سيصعد بها للصفحة الأولى في أجندة مجلس الشورى. إظهار الصورة الحقيقية لمشاكل المجتمع من قبل هذه المؤسسات الأهلية يساهم في توجيه الموارد الوطنية بشكل فعال لمواطن الضعف والاحتياج الحقيقي في مؤسسات الدولة ومرافقها التي قد يعجز المواطن البسيط في إيصالها عن طريق صندوق مقترحات أو عنوان بريد إلكتروني غالبا ما يكون تحت الصيانة.
هذه الأدوار للمؤسسات الأهلية تزداد أهمية حينما نتحدث عن المرأة السعودية واحتياجاتها. حينما نتحدث عن احتياج 92? من المجتمع لا تملك مؤهلا يسمح لها بإيصال صوتها لقبة المجلس حسب معايير ومؤهلات أعضاء مجلس الشورى الحاليين. وجودها كممثل لجميع فئات المجتمع عامة والنسوية خاصة مطلب مهم حيث إن هذه المؤسسات غالبا ما تلعب دورا حاسما في الدعوة لتغييرات في القوانين والسياسات والإجراءات الإدارية عبر تقديم قصص وتجارب من يعايشون المشكلات ويواجهونها بشكل يومي. هذه القصص وهذه التجارب تشكل جزءا هاما من الأدلة اللازمة لإقناع صناع القرار بالتغييرات المطلوبة والتي أحيانا ما تفشل الأدلة الأكاديمية وحدها في إقناعهم.
الجدير بالذكر أن تقرير الأمم المتحدة في عام 2007 والخاص بمتابعة الدول الموقعة على الاتفاقية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة قد أشار إلى جهود المملكة العربية السعودية في هذا الشأن. فقد ذكر تقرير المتابعة للمادة السابعة المتعلقة بمشاركة المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد أن المملكة العربية السعودية لم تتحفظ على أي من فقرات المادة السابعة، مما يبين أن المشاركة السياسية للمرأة باتت وشيكة ومجرد مسألة تنظيم. وها نحن نعايش هذا الالتزام وتكريس الجهود على هيئة قرارات ملكية داعمة لمشاركة المرأة السعودية.
وحتى تتكامل الجهود الدؤوبة في هذا الشأن نأمل أن يكون القرار الملكي بعضوية المرأة في مجلس الشورى الشرارة لتفعيل مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الذي أقره مجلس الشورى في عام 2007، ولم ير النور حتى الآن. هذا المشروع الذي سيكفل البدء بتمكين المرأة السعودية لتكون ذات دور فاعل محرك ومؤثر في سياسات وقرارات مجتمع لطالما كانت نصفه الغائب.