الرياض: هدى الدغفق

أحتاج دعاءكم لأصير بينكم قريبا ولن تخذلني رحمة الرحمن

رغم معاناتها الشديدة مع سرطان الثدي الذي فوجئت به يداهمها على حين غرة، إلا أن الدكتورة فوزية أبوخالد التي تتعافى الآن في أحد مستشفيات لندن خصت الوطن بحديث موجز هنا نصه:
متى اكتشفت بأنك تعانين من سرطان الثدي؟
قبل خمسة أشهر وبالتحديد في الأسبوع الأول من يناير 2011، كنت حينها حريصة جدا على أن أعود لأكمل تدريس طالباتي وإتمام خطتي الدراسية إلا أن الطبيب أكد لي أنه لا بد أن أجري العملية خلال 15 يوما لأنني في مرحلة حرجة جدا. فخضعت للعملية وأجريتها في فبراير.
كيف يمكن لشاعرة/ كاتبة أن تقاوم المرض بالكتابة؟
مازال الوقت باكرا على إسقاط الضماد عما تفتح من جراح لدي، ولكن كل ما أستطيع قوله هو أن هذا التحدي كشف الغطاء عن مناجم من الحب والصداقات والحنان والسخاء في أسرتي وفي وطني وعلى امتداد الوطن العربي والعالم، لم أكن لأكتشفها لولا هذا التحدي، فأحيا صداقات الطفولة وصداقات مضمرة. وأضاف إلى رصيدي رصيدا لا يحد من المحبين والأصدقاء فشكرا لله الذي وهبني هذا التحدي المركب سداسي الأبعاد.
أي تحد تعنين فوزية؟
تحدي المرض وتحدي الانتفاضات العربية لاستعادة الكرامة والحرية وتحدي الاستقواء بحب الأهل والأصدقاء والقراء والزملاء وتحدي الاستشفاء بالحبر والشعر معاً.
متى سنرى فوزية بيننا؟
أحتاج دعاءكم لأصير بينكم قريبا، وبإذن الله لن تخذلني رحمة الرحمن ولن أخذل بدوري هذا الحب الجارف الذي لا بد أن ننتصر به على خيانة الجسد أو أي من الحماقات التي قد تعترض ملكة الحياة والجمال في الإنسان.

أرليت تحكي علاقتها بأمها
أرليت هو الاسم الحقيقي لأنوار الأخت الرابعة لفوزية.
سألناها (ما الأخبار الأخيرة عن صحة الشاعرة فوزية)؟ أجابت متنهدة: سرطان في الثدي ونتمنى ألا يكون أكثر من ذلك، إن شاء الله ينتهي.
وتضيف أرليت: كانت فوزية تسميني بركة العسل الهادئة وشخصية فوزية لبيت العائلة أحيانا تصير أما ولما تصير فوزية البنت المدللة تصير طفول الأم، وعلاقة ماما بفوزية انعكست في علاقة طفول بفوزية وفي نفس الوقت كل واحدة مستقلة عن الأخرى وأثرت علاقتنا ببعض على علاقة طفول بأخيها.
هناك تفاصيل دقيقة عن صداقة بين فوزية وأمها نور تحكيها أنوار قائلة: علاقة فوزية بماما حلوة، بينهما تقدير ومحبة تقولان الشعر، تحبانه تتبادلان جلسات الشعر بطريقة جميلة وتتبادلان الأغاني الشعرية كذلك.
وقبل أن تنشر فوزية موضوعا وبعد ذلك أحيانا تتلاقحان الأفكار وتتناولان كافة الموضوعات الدينية والاجتماعية ومع أن فوزية في الرياض وأمي في جدة إلا أن علاقتهما مثل علاقة قطرة الندى الملتصقة بالوردة.
كانت أمي تحتفل بفوزية كلما جاءت إليها زائرة وكنت أعرف أن فوزية ستأتي إلينا من مظاهر احتفاء أمي بها فهي تعمل لها الدبيازة والعرق سوس والجلاب والقهوة الحلوة والأكل اللبناني فهي تفضله وتجيد الطبخ وأكلها مميز.
تصمت أنوار قليلا لتستأنف: عرفت أمي كيف تغذي لنا عقولنا
الأم نور ترقد في مستشفى الحرس بجدة منذ مدة ولما عرفت ما حدث لفوزية دمعت عيناها وتعبت نفسيا وجسديا على إثر ذلك وتكلمت مع فوزية لتغني لها: نور العين نور العيون........ تقول أرليت (أنوار):
هذه الأغنية كانت تردد بينهما مثل كلمة السر.
تابعت أرليت حديثها إلى الوطن قائلة: كانت فوزية تمسك بالخريطة وتخبرنا مواقع الدول كنت أسأل نفسي آنذاك: ماذا تريد فوزية؟ منها عرفت الخرائط والعالم ومواقع الدول وانطبعت في رأسي جغرافية العالم من (أبلا) فوزية.
كنا نقضي العصر في اللعب وكانت تحتفي بكل مناسباتنا وتفاجئنا باحتفائها ترصد تواريخ العائلة ومناسباتها، في كل صباح جامعي كانت تلصق على ثلاجة المنزل عبارات ورسومات تضيء صباحي بالشمس.