استحوذ خبراء الجماعات الإسلامية وتنظيم القاعدة على تفاصيل المشهد الإعلامي التحليلي في القنوات الإخبارية والفضائيات العربية. فمنذ الساعات الأولى من إعلان النبأ الأميركي حول مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أمس، تحولت الأجهزة الإعلامية لمحرك بحث مشابه لـجوجل، للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الخبراء الإسلاميين، وأخذت بدورها النشرات الإخبارية بعداً في إعطاء مدلولات متعددة، حول تفاصيل ما بعد المقتل ومستقبل التنظيم وأثره على مشهد الجماعات المسلحة، فيما غاب المحللون السياسيون بشكل واضح عن التغطية.
ولم يكن هاجس البحث عن الخبراء، مقتصراً على القنوات العربية، بل امتد إلى القنوات الغربية، وهو ما فسره المختص في إدارة الأزمات الإعلامية بمركز لندن للاستراتيجيات الدكتور سلطان الحمزي الذي قال لـالوطن إن سر الإقبال على خبراء الجماعات الإسلامية الآن، هو محاولة استشراف مستقبل تنظيم القاعدة، التي تمر بالضرورة عبر المعرفة الدقيقة لمبادئ التنظيم، والسلفية الجهادية بالعموم، وتركيبتهم الهيكلية، وإيمان أفرادها الأعمى، بوجوب طاعة قياداتهم، والاحتياطات التي يستعدون بها لمثل هذه المواقف، فالإلمام، وغيره من الخصائص، توفر قدرة على معرفة السيناريوهات التي سيتخذها التنظيم مستقبلاً، وأشكال ردة الفعل، وحتى الأهداف المحتملة، وذلك لا يستطيع التنبؤ به إلا الخبراء والمتخصصون في شؤون الجماعات الإسلامية، وليس المحللون السياسيون.
إلا أن الدكتور الحمزي الذي عمل سابقاً كمخطط إخباري في قناة عربية انتقد شكل الضيوف المهني الواقع تحت مسمى خبير الجماعات الإسلامية قائلا إن كثيرا منهم لا يلمون بتفاصيل هذه الجماعات الفكرية، وفروقاتها البنيوية، وثمة جهل بتركيبة الجماعات الإسلامية ومنطلقاتها الفكرية والفقهية، بل أحياناً تتفاجأ أن الذي يتحدث أمامك قدم كمحلل فإذا به يتحدث كمعجب ومفتون أو كاره وحاقد، أو يتحدث بمعلومات مشوشة أو بسيطة، ولا يعرف أن ليس فيها جديداً، أو أنها ليست مهمة. وأرجع الحمزي ذلك إلى الأشخاص الذين رتبوا استضافة هؤلاء فهم لا يملكون قائمة حقيقية بالخبراء المختصين في الجماعات الإسلامية.