اكتسبت أمة النمل سمة الجدية والعمل الدءوب والادخار. أما الجنادب، وهي نوع صغير من الجراد يعيش في الحقول، فقد اشتهرت بالكسل والانغماس في اللهو وسكب الأنغام الشجية والاستهلاك المفرط للغذاء دون أي ادخار.
اكتسبت أمة النمل سمة الجدية والعمل الدءوب والادخار. أما الجنادب، وهي نوع صغير من الجراد يعيش في الحقول، فقد اشتهرت بالكسل والانغماس في اللهو وسكب الأنغام الشجية والاستهلاك المفرط للغذاء دون أي ادخار.
لدى الغربيين أسطورة منسوبة إلى (إيسوب) ـ وهو رجل إغريقي يشبه (جحا) عند العرب ـ تتحدث عن جندبة كسولة تعيش في حقل يانع، وإلى جوارها نملة تعمل دون كلل في جمع وتخزين الغذاء طوال فصل الصيف. وعندما هجم الشتاء بزمهريره ومطره وثلوجه ماتت الجندبة جوعاً بعد أن رفضت النملة استجداءها قائلة: الصيف ضيعت الغذاء. هذه الأسطورة كانت المدخل لمقال منشور في صحيفة الفاينانشال تايمز في نهاية شهر مايو للكاتب (مارتن وولف) بعنوان (النمل والجنادب- أسطورة حديثة)، قسّم فيه الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي حالياً إلى نمل وجنادب. تشمل أعشاش النمل الصينيين والألمان والهنود واليابانيين، أما الجنادب فمِنهم البريطانيون والأمريكيون واليونان والإسبان والإيطاليون والإيرلنديون.
تكدح دول النمل دون ملل وتنتج البضائع المغرية وتبيعها على دول الجنادب، وتُكدس مبالغ هائلة من الاحتياطيات فتودعها في بنوك دول الجنادب، وتعمل البنوك على إقراضها لتلك الدول، التي تركن إلى المزيد من الاستهلاك متكئة على هذا المصدر الرخيص من المال.ثم تُعيد البنوك توريق تلك الديون وتبيعها على دول النمل، وعندما تُفلس دول الجنادب وتعجز عن الدفع تتحول استثمارات دول النمل إلى مجرد أرقام خاوية.
لم يُحدد الكاتب إلى أي من الفئتين تنتمي دول مجلس التعاون على الرغم من وزنها النسبي في الاقتصاد الدولي، وتمثيلها في مجموعة العشرين. ولذا سنسعى إلى معرفة ذلك من خلال الأوصاف التي وضعها الكاتب لكل من دول النمل والجنادب. يصعب القول إننا من فئة النمل لأسباب عديدة. فإنتاجية العامل الخليجي متدنية جداً حتى بالمقارنة بدول الجنادب. وليس لدينا من الصناعات ما يغري دول الجنادب بالاستيراد منا سوى بعض البتروكيماويات. وأخيراً فإن الكرم الفطري يمنع المواطن الخليجي من ترك جاره الجندب يموت جوعاً. هل نحن إذاً من دول الجنادب؟. إذا كان المعيار هو الاستهلاك المفرط والكسل المزمن والغناء صيفاً وشتاءً فنحن جندبيون حتى النخاع. ولكن دول الجنادب تستدين من دول النمل، بينما تعد دول الخليج مُقرضاً صافياً لدول الجنادب. إذاً نحن من فئة الجنادب ولكن لدينا فوائض مؤقتة ناتجة عن بيع النفط نقرضها للجنادب. المؤسف أن الكاتب (مارتن وولف) اختتم مقاله المشار إليه بالنصيحة الآتية: (إذا كنت تريد الحفاظ على ثروتك فلا تُقرض المال للجنادب).