نجد تماهي وزارة الثقافة والإعلام وتواصلها مع المتغير بشكل لافت، يُعبر عن الجدية والإصرار في العمل على تقديم الدور المناط إليها من خلال انفتاحها، وأنشطتها المتزايدة بطريقة خلاقة
البدايات الأولى للإعلام السعودي تشير إلى أن النشأة الأولى لهذا الإعلام كانت عبارة عن خطوات متسلسلة، تمت على أسس علمية سليمة ومنظمة ووفق رؤية ثاقبة، كانت البداية عندما تم إنشاء صحيفة أم القرى عام 1343. في عهد جلالة الملك عبد العزيـز آل سعود (رحمه الله)، لتكون النواة الأولى في منظوم الإعلام السعودي، وهي تنشر كل ما يصدر عن الدولة من قرارات وبيانات حكومية وتخص المواطن السعودي. واستمراراً لاهتمام الملك عبد العزيز (يرحمه الله) وحرصه على إطلاع العالم الخارجي وخاصة الإسلامي على حقيقة الأوضاع بالمملكة، أمر بإنشاء مجلس للدعاية والحج يتبع وزارة المالية، للقيام بمواجهة الحملات المغرضة ضد المملكة، وكان ذلك في عام 1355. ثم جاءت الخطوة العملية الثانية، وهي ذات أهمية بالغة في مسيرة الإعلام السعودي. وتذكر وثائق الإعلام أن الإذاعة السعودية أنشئت بمرسوم ملكي بتاريخ 22/9/1368، بتوقيع الملك عبد العزيز (رحمه الله) موجّه إلى الأمير فيصل بن عبد العزيز ( يرحمه الله) بتنفيذ الفكرة، بهدف ربط المملكة بالعالم الخارجي ونشر الثقافة والمعرفة في البلاد. وفي سبيل استكمال بناء الإعلام السعودي، صدر المرسوم الملكي بتاريخ 17/6/1374، وبمقتضاه سميت الإذاعة بالمديرية العامة للإذاعة. بعد ذلك تم إنشاء المديرية العامة للصحافة والنشر وتم ربط الإذاعة بها، ثم صدر نظام المطبوعات والنشر عام 1378 ومع تزايد الاهتمام بالإعلام محلياً ودولياً واتساع النطاق، أصدر الملك فيصل (يرحمه الله) المرسوم الملكي بتاريخ 9/10/1382. بتحويل المديرية العامة للصحافة والنشر إلى وزارة للإعلام لتشرف على وسائل الإعلام. بعدها وفي عام 1424 صدر قرار مجلس الوزراء بتعديل مسمى وزارة الإعلام بحيث يكون وزارة الثقافة والإعلام. وقد صاحب نشأة وزارة الثقافة والإعلام، وضع منهج إعلامي جديد يكفل للمواطن السعودي حرية التعبير المستمدة من النهج الإسلامي والسياسة العامة للدولة ويتضمن نشر فضيلة الأخلاق وتعاليم الإسلام.
حين نتأمل تاريخ الإعلام السعودي من خلال مسيرته المدونة أعلاه من موقع وزارة الثقافة والإعلام نفسها. وبين ما تعيشه في الوقت الحاضر في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز (حفظه الله) من قفزة تطور هائلة على كل المستويات الفكرية والعلمية والعملية والمالية. مع الحفاظ على مضمون الثوابت والأهداف النبيلة التي أُنشئت من أجلها. وفي ظل تعدد الوسائل الإعلامية حالياً، وانفتاح العالم على بعضه (اتصالات، إنترنت، فضائيات، صحف ورقية، صحف إليكترونية، مواقع تواصل اجتماعي.. إلخ) واختصار المسافات واتساع المساحات من حولنا، أقف لبرهةٍ وأتذكر زمناً مضى كنا فيه لا نستطيع قراءة نص (شعري أو قصصي) من أدب الحداثة في أية مطبوعة داخلية باستثناء مجلة لأحد القطاعات العسكرية كانت تُصدر بين ثناياها ملحقاً خاصاً بالأدب الحديث ننتظره كل شهر. الآن نجد تماهي وزارة الثقافة والإعلام وتواصلها مع المتغير بشكل لافت، يُعبر عن الجدية والإصرار في العمل على تقديم الدور المناط إليها من خلال انفتاحها، وأنشطتها المتزايدة بطريقة خلاقة. لتخدم عمق المجتمع سعياً لتطوير وتعزيز شخصيته، ومؤكدة في ذات الوقت على خصوصيته ليضع بصمته على خارطة التنوع الثقافي العالمي. وأستغرب كلما قرأت تعليقاً لاذعاً لبعض سياسات أو أنشطة وزارة الثقافة والإعلام، أو انتقاداً ساخناً لبعض قرارات وزيرها الدكتور عبدالعزيز خوجة. الذي برأيي الخاص يسبق بفكره وثقافته عصره وعمره معاً، ويُعد من أبرز من مروا على رأس هرمها مؤخراً. فوزارة الثقافة والإعلام السعودية حالياً تسير بخطى ذكية وواثقة ورائعة جداً باتجاه بناء الثقة بينها وأطياف وشرائح المجتمع والفكر العالمي المتنوع. والواضح أن وزارة الثقافة والإعلام قد قطعت أشواطاً كبيرة على صعيد التنوير والتوعية الثقافية والفكرية، والمساهمة الفاعلة في مشروع بناء مجتمع متمدن وإنسان متحضر. ولا ينكر ذلك إلا قليل حيلةٍ أو متحاملٍ بأنانية. وهذه القفزات الطيبة تعكس في واقعها مستوى تنامي الفكر العصري الجريء الذي يسري في عقلية وجسد وزارة الثقافة والإعلام حالياً. بل ويبشر بمستقبل باهر يستطيع مجاراة المتغيرات الثقافية والإعلامية العالمية. والمزعج حقيقة ألا يرى البعض إلا النصف الفارغ من الكوب على الدوام. متجاهلين إيجابيات العمل الدؤوب الذي تجتهد فيه الوزارة كثيراً للارتقاء بمستوى الحراك التنويري، ضمن أعلى ما يسمح به الهامش والمحيط. ومع ما يتوافق وسياسة المملكة ولا يخرق الخطوط العريضة للحقوق المدنية والطبيعية التي كفلتها الشريعة للأفراد والجماعات على حد سواء. وفي الوقت الذي تحتاج فيه الوزارة إلى المساندة الفعلية من جانب نخب المثقفين والمتنورين لدعم وإنجاح برامجها، نجد من يحاول الاصطياد في الماء العكر، والتعليق بإجحاف على أقل الهفوات. وحتى اختلاق المشكلات وتقديمها بشكل فضائحي ليس له علاقة بالواقع لا من قريب ولا من بعيد، وأجزم بأن مثل هذه الانزلاقات العشوائية لن تخدم أحداً، بقدر ما ستخدش الجسد الثقافي واللقاء الإنساني، واستغرب بكل أسف أن تتم مقابلة روح ديمقراطية ولطف الوزير بهكذا طريقة. ومن محبة أجدني أعتب على بعض أصدقاء الحرف والحرية عتب الأصدقاء ليس إلا، وأنا على يقين من انتصار الحب واللغة النبيلة قبلاً وبعداً.