قبل عشر سنوات، كان لي شرف الإشراف، وتقديم أول دراسة قدمت في منتدى الرياض الاقتصادي الأول عن بيئة الاستثمار المحلية.
قبل عشر سنوات، كان لي شرف الإشراف، وتقديم أول دراسة قدمت في منتدى الرياض الاقتصادي الأول عن بيئة الاستثمار المحلية. ومؤخرا شاركت ضمن اللجنة المشرفة على أحدث دراسة للاستثمار قدمت خلال منتدى الرياض لهذا العام. وذلك يتيح فرصة تقييم، ورصد التحولات، التي حدثت في بيئة الاستثمار المحلية، إيجابا وسلبا، خلال السنوات العشر، وهو ما قامت به الدراسة.
أولا: صحافتنا المحلية ركزت على نقطة واحدة من الدراسة الأخيرة، وهي نتيجة استطلاع آراء رجال الأعمال، حول أهم المعيقات للاستثمار، وجاء موضوع الرشوة في المقدمة، حيث أعرب 68% من العينة المستفتاة عن لجوئهم لها لإنهاء أعمالهم. ولكن في الواقع أن الدراسة قد اشتملت على عدد آخر من النقاط الهامة، وحتى في موضوع المعيقات، فقد وضّحت الدراسة أن بيئة الاستثمار قد تحسنت فيما يتعلق بأربعة من المعيقات، وساءت في أربعة منها، وبقيت على حالها بالنسبة لمعيقين اثنين (سيمكن الاطلاع على كامل الدراسة من موقع المنتدى قريبا).
ثانيا: تفاعلت هيئة الاستثمار سلبا مع الدراسة، ورأت أنها اعتمدت على عينة محدودة (425 استبيانا فقط)، وأن ذلك لا يعبر عن رأي القطاع الخاص، كما رأت الهيئة أن نشر تلك المعلومات يضر بفرص الاستثمار في المملكة، وهنا أود أن أجيب زملائي في الهيئة بما يلي:
- في علم الإحصاء (وهو بالفعل علم قائم بذاته) هناك أساليب معروفة في تحديد العينات، ولا يحتاج الأمر لاستفتاء الملايين، أو حتى الآلاف، إذا كانت العينة ممثلة للمجتمع، وسأضرب مثلا بالولايات المتحدة الأميركية، حيث توجد خدمة ما يسمى (تقييم معهد نيلسون)، وهي باختصار أن قنوات التلفزيون تستعين بذلك المعهد، الذي يضع أجهزة تسجيل ورصد في 1200 منزل، (لاحظوا أن عدد السكان في أميركا يتجاوز 300 مليون)، ويسجل ما شاهده أصحاب تلك المنازل يوميا، وتكون العينة مختارة لتمثل المجتمع الأميركي، وتؤثر نتائج ذلك الرصد اليومي في تحديد أي البرامج أكثر أو أقل شعبية، وذلك يحدد أسعار الإعلانات لكل برنامج، أو يتسبب في إلغاء البرنامج. أما مقولة أن إبراز الأثر السلبي سيؤثر على بيئة الاستثمار فالعكس هو ما سيحدث، لأن كل مجتمع يواجه مشاكله سيكسب احترام المستثمر، وللتأكيد فإن منتدى الرياض الاقتصادي الأول درس وأبرز مشكلة الإجراءات القضائية، واليوم لدينا برنامج الملك عبدالله لتطوير القضاء، وتحدث المنتدى الأول عن الفساد الإداري والمالي، واليوم لدينا هيئة حكومية لمكافحة الفساد.
ثالثا: أوردت الأنباء أن هيئة مكافحة الفساد قد طلبت نسخة من الدراسة، وهنا أتمنى على زميلي معالي الأستاذ محمد الشريف، ألا يكتفي بهذه الدراسة فقط، وإنما أن تقوم هيئته بجهد مماثل، ولكن بشكل مفصل، للتعرف على قضية الفساد والرشوة في المجتمع، بحيث تستطلع آراء القطاع الخاص (وهم جمهور المنتدى)، ولكن تضيف لهم آراء عامة المواطنين، وكذلك غير السعوديين العاملين في المملكة، وبذلك نحسن بيئة الاستثمار، ونوجد فرص عمل لأبنائنا وبناتنا.