أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ صالح آل طالب المسلمين بتقوى الله التي لا يقبل غيرها ولا يرحم إلا أهلها ولا يثيب إلا عليها .
وقال في خطبة الجمعة (اليوم 2011-04-22) بالمسجد الحرام: لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم خيرا إلا دلنا عليه ولا بابا إلى الجنة إلا عرفنا طريقها ولا سببا للسعادة والهناء إلا أرشدنا له وحثنا عليه ، وفي ذات الوقت ربانا على لزوم السنن وعلمنا الآداب وأرادنا أن نكون على مراد الله في كل الأحوال في منامنا ويقظتنا في محراب التعبد أو في ميدان السعي للدنيا أن يكون حالنا ومنقلبنا لله.
وأوضح فضيلته أن الإنسان لا يخلو من أن يكون في حالة يقظة أو حال نوم يتقلب بينهما كما يتقلب الليل والنهار، والنوم حال عجيب من أحوال الإنسان وآية من آيات الله العظام، ويشكل النوم جزءا كبيرا من اهتمام الناس فيتخذون له الفرش والأثاث ويتهيئون له بالوسائل و الأحوال ويتحكم في أوقاتهم ومعاشهم وإذا اختلف بزيادة أو نقص أثر على صحة الإنسان بدنيا ونفسيا، وبذل للعلاج الكثير من الأموال، و الإنسان يمضي ثلث حياته في النوم ومن هنا جاءت الآداب النبوية والسنن المحمدية بالإرشاد و التوجيه حتى يكون منامنا طاعة ونومنا عبادة والتزام هذه السنن سبب للأجر ومعين على القيام لصلاة الفجر والنشاط في سائر اليوم والبعد عن الوساوس و الأحلام المزعجة و الأمراض النفسية .
وشرح فضيلته السنن و الآداب التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم من سنن النوم وآدابه والتي فيها الخير السعادة في الدنيا و الآخرة ومنها ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من التبكير في النوم والوتر قبل النوم إن خشي ألا يقوم آخر الليل وإطفاء النار وتخمير الإناء وإغلاق الأبواب ومنها عدم النوم على مكان مرتفع بلا حواجز ومنها غسل اليد والفم من أثر الطعام والوضوء قبل النوم ونفض الفراش والتسمية ، والحرص على التستر حتى لا تنكشف عورته وأن يتباعد النائمون عن بعضهم ، ومن السنن كذلك كتابة الوصية ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النوم على البطن لأنها ضجعة أهل النار ومن السنة النوم على الشق الأيمن ووضع اليد اليمنى تحت الخد.
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أنه قد يعرض للمسلم ما يخيفه ويفزعه فإذا وجد ذلك فليستعذ بالله، مشيرا إلى أن للرؤيا و الأحلام آداب وسنن وقال : الرؤيا من الله والحلم من الشيطان ، فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات ثم يتعوذ من شرها فإنها لا تضره .
وأورد فضيلته بعض السنن التي يجب على المسلم الإتيان بها إذا قام من الليل ومنها قراءة آخر سورة آل عمران والسواك بعد النوم والذكر بعد الاستيقاظ وغسل اليد ثلاثا قبل استعمالها والمبادرة إلى ذكر الله والوضوء والصلاة.
وقال الشيخ صالح آل طالب : هناك طائفة من الأدعية و الأذكار التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى كل مسلم أن يحفظها ويجعلها ورده وطمأنينة قلبه وذكر الله مطلوب عند النوم ومنها قراءة آية الكرسي والتسبيح ثلاثا وثلاثين والحمد ثلاثا وثلاثين والتكبير أربعا وثلاثين والدعاء بقول باسمك اللهم أموت وأحيا ، وإذا قام قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور، ويقول الحمد لله الذي كفاني وآواني وأطعمني وسقاني ، والذي من علي فأفضل والذي أعطاني فأجزل الحمد لله على كل حال اللهم رب كل شيء ومليكه وإله كل شيء أعوذ بك من النار.
وفي المدينة أوصى فضيلة وإمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبد المحسن القاسم المصلين بتقوى الله عز وجل حق التقوى والتمسك بالإسلام بالعروة الوثقى .
وقال فضيلته: أوجد الله العباد من العدم وأمدهم بالنعم وكشف عنهم الكروب والخطوب، والفطر السليمة تحب من أنعم وأحسن إليها وحاجة النفوس إلى معرفة ربها أعظم من حاجته إلى الطعام والشراب والنفَس، ولا سعادة في الدنيا إلا بمعرفة الله ومحبته وعبادته وأعرف الناس به أشدهم إليه تعظيما وإيمانا وعبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح وأكثر وأدوم فهي واجبة في كل وقت وأعمال الجوارح لإصلاح القلب وتعظيم الله وأكمل الناس عبودية المتعبد له بجميع أسمائه وصفاته .
وبين فضيلته إن لله سبحانه وتعالى من الأسماء أحسنها وأسماها في المجد والتمجيد وله من الصفات أكملها وأعلاها وصفاته صفاة الكمال، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) رواه النسائي، له كمال مطلق في كل شي وجميع من في السماوات ومن في الأرض ينزهون الله عن كل عيب ونقص قال سبحانه (سبح لله مافي السماوات وما في الأرض) له عز وجل الخير والأمر وحده، أتقن ما صنع، وأبدع ما خلق وقدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، والحكم حكمه ولا يشاركه في ذلك أحد، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه حي لا يموت جميع الخلق تحت قهره وقوته يميتهم ويحييهم ويضحكهم ويبكيهم ويغنيهم ويفقرهم ويصورهم في الأرحام كيف يشاء . وكل مؤمن بقضائه وقدرة لا ينازعه منازع ولا يغلبه غالب لو أن الأمة اجتمعت لتضر أحدا والله لم يكتب ذلك لم يضره أحد ، ولو اجتمعوا على نفعه والله لم يكتب ذلك لم ينفعه أحد لا راد لعذابه إن نزل ، ولا رافع له إن حل سواه ، يخلق ما يشاء ويفعل ما يريد لا يسأل عما يفعل والخلق يسألون ، قائم بنفسه مستغن عن خلقة ومهيمن عليهم جميعا ، مفاتيح الغيب عنده لايعلمها إلا هو ، وأخفى علمها حتى عن الملائكة فلا يعلمون من سيموت غدا أو ما سيحدث في الكون قبل أن يكون ومن ثم يدبر أمر عباده ويعطي ويمنع ويخفض ويرفع أوامره متعاقبه على تعاقب الأوقات نافذة بحسب إرادته ومشيئته فما شاء كان ومالم يشأ لم يكن .
وأوضح فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم أن من جملة شؤونه أن يفرج كربا ويجبر كسيرا ويغني فقيرا ويجيب دعوة علمه وسع كل شيء يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لاتتحرك ذرة وما فوقها إلا بإذنه.
وبين أنه لا تسقط ورقه إلا بعلمه ولا تخفى عليه خافيه استوى عنده السر والعلانية يسمع أصوات المخلوقين وهو على عرشه وأفعال العباد في ظلمة الليل البهيم لا تخفى عليه ، يرى وهو فوق سماوات دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء خزائنه ملأ في السماوات والأرض ويداه مبسوطتان في السخاء؛ سخاء الليل والنهار ينفق كيف يشاء كثير العطاء رأسه الجود يعطي قبل السؤال وبعد ، وينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير من الليل ويقول من يسألني فأعطيه ومن لم يسأله يغضب عليه وأبواب عطائه فتحها لخلقه فسخر بحارا وأجرى أنهارا وأدر أرزاقا ، وقد ساق للخلق أرزاقهم ورزق النملة في قرار الأرض والطير في الهواء والحيتان في الماء ورزقه وسع الجميع فساق إلى الجنين وهو في رحم أمه ، كريم يحب العطاء والكريم إذا سئل أعطى وإذا رفعت إلى غيره حاجه لا يرضى وكل خير فهو منه رزقه لا ينفذ ولو سأل العباد جميعا فأعطاهم ما سألوه لم ينقصه ذلك من ملكة شيئا .
و شرح فضيلته أن الثواب على العمل يضاعفه الحسنة عنده بعشرة أمثالها إلى 700 ضعف إلى أضعاف كثير والقليل يوزن بالطاعة يكفره فليلة القدر خير من إلف شهر وصيام ثلاث أيام من كل شهر كصيام الدهر، وإذا انفق العبد مالا ابتغاء وجهة رده له إضعافا مضاعفة ويزيد في السخاء فوق المنى فأعطى في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وإذا ترك العبد شيئا من أجله عوضه خيرا منه ، غني عن جميع خلقة وكل شيء مفتقر إليه ما قدر العباد نفعه فينفعوه ولا ضره فيضروه ، وقد وسع الكرسي السماوات والأرض والسماوات السبع في الكرسي كدراهم 7 ألقيت في ترس والكرسي في العرش كل حلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلآت من الأرض ، وعرشه أعظم مخلوقاته وتحت العرش بحر ويحمل العرش ملائكة ما بين شحمة أذن أحدهم مسيرة 700 عام وربنا مستو على عرشه كما يليق بجلالة وعظمته وهو مستغن عن العرش وما دونه محيط بكل شيء فلا يحيط به شيء ويدرك الأبصار والأبصار لا تدركه وقدرته شملت جميع مخلوقاته وهي ضعيفة عنده وإن كبرت في أعين المخلوقين والسماوات يقبضها سبحانه يوم القيامة ثم يأخذهم بيده (ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأراضين بشماله ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون ؟أين المتكبرون ؟). ويجعل السماوات يوم القيامة على أصبع والأراضين على أصبع والجبال والشجر على أصبع والماء والثرى على أصبع والخلائق على أصبع ثم يهزهن ثم يقول (أنا الملك.. أنا الملك)متفق عليه.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي خطبته عن صفات الله سبحانه وتعالى قائلا : قيوم لا يموت ولا ينبغي له أن ينام يأخذ بالقسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ، الأمر يدبره من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ، قوي لا يعجزه شيء إذا أراد شيئا قال له كن ، فيكون ، وأمره كلمح البصر بل هو أقرب وله جنود لا يعلمها أحد سواه قلب قرى قوم لوط وجعل عاليها سافلها ولما امتنع بنو إسرائيل عن قبول ما في التوراة رفع جبلا فوق رؤوسهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم ، وتجلى سبحانه للجبل فجعله دكا ولما رأى موسى ذلك خر صعقا والأرض يرجها رجا ويدكها دكا وينسف الجبال نسفا وبنفخة واحدة ينفخ اسرافيل يفزع الخلق وبنفخة أخرى يصعقون وبثالثه يقومون للحشر، وإذا نزل سبحانه لفصل القضاء تشققت السماء لنزوله تعظيما له وخشيه ، والله سبحانه وتعالى فوق ما يصفه الواصفون ويمدحه المادحون لا ند له ولا نظير ولا شبيه له ولا مثيل ، عرف الرسل بربهم فأكثروا له التذلل والتعبد والخضوع فكان داوود عليه السلام يصوم يوما ويفطر يوما ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتفطر قدماه وإبراهيم أواه لربه منيب ومن سلك غير نهج الأنبياء فقد ظل سواء السبيل.