تعرض فضائية الشرقية العراقية، برنامجا في غاية المهنية الإعلامية، وفي غاية الفهم لمدلولات الإعلام الذي لا ينفصل عن مجتمعه، أو ينام عنه في العسل.
يوميات مدينة، هذا هو اسم البرنامج الذي لو كنت أحد المحكمّين في جوائز البرامج العربية، لاخترته كواحد من أهم البرامج التي يمكن أن تصادفها عين عربية.
البرنامج رغم بساطته، إلا أنه يحوي الكثير من العمق في فهم أساسيات العمل الإعلامي الحقيقي، لا العمل الإعلامي الغائب والمُغيّب عن الحياة.
يعرض البرنامج في كل حلقة من حلقاته، يوماً كاملاً من حياة الناس في إحدى المدن العراقية، من الصباح حتى المساء، متجولاً بكاميراه التي تلتقط أدق تفاصيل الحياة المجتمعية اليومية لتلك المدينة، بدءاً بصحن الفول الصباحي، وانغماس الناس في طلب الرزق، حتى ترخي المدينة آخر أجفانها لتنام.
البرنامج يدور بكاميراه في الشوارع، وهو لا ينتقي ضيوفه، ولا يخضع ـ فيما يبدو لي ـ لورقة إعداد جامدة ورتيبة، وهذا بالضبط ما يتطلبه أي برنامج إعلامي يختلط بالناس، ويدور في الشوارع.
الكثير من وجوه العمال البسطاء، تظهر على اتساع الشاشة الفضية، في مرة هي الأولى التي أشاهد فيها، الإنسان البسيط وقد صار هو النجم الواحد والأوحد، بعيداً عن وجوه نجوم السياسة والفن والرياضة، التي مللناها وملّت منها الشاشات.
البرنامج يكشف عشرات الفضائيات، التي انفصلت عن هموم الناس اليومية، وعن مشاكل واحتياجات وآمال وطموحات مجتمعاتها.
الذي يشهد ويتابع البرنامج الأكثر من رائع يوميات مدينة، يدرك تماماً أن تلفزيونات العالم العربي الأخرى، تعيش في كوكب آخر، غير الكوكب الذي تعيش فيه المجتمعات.
لا الكاميرا هي الكاميرا ما دامت لا تدور بين الناس في الشوارع، ولا الإعلام هو الإعلام، ما لم يعكس هموم مجتمعه ويومياتهم، يوميات المدن.
للتواصل أرسل SMS إلى: 815139 جوال 615665 موبايلي – 716262 زين
بها رقم 165 ثم مسافة ثم رسالتك