المدينة المنورة: خالد الطويل

فلاح يصفه بـ'المستعجل' والأنصاري بـ'المغالط' والمؤلف يرد: 'أنام ملء جفوني'

لقي كتاب موروث المدينة المنورة الشعبي في القرنين الرابع عشر والخامس عشر هجري، لمؤلفه محمد صالح حمزة عسيلان، نقدا واسعا خلال الندوة التي نظمها نادي المدينة المنورة عن الكتاب أول من أمس وشارك فيها الدكتور عزت خطاب، وعبدالرحيم الأحمدي، ونايف بن فلاح.
وفيما أثنى كل من خطاب والأحمدي في ورقتيهما على الكتاب وقدما عرضا لأبرز ما تضمنه من ملامح ثقافية، مشيرين إلى أنه ملأ فراغا في الدراسات التي تناولت تاريخ وموروث هذا البلد المقدس، شن كل من نايف فلاح، وناجي حسن الأنصاري، هجوما نقديا على الكتاب حيث وصف فلاح مؤلفه بـالمستعجل جدا، مضيفا أنه وجد نفسه وهو يتصفح الكتاب حيال تقارير تشبه التقارير الحكومية، وسجلات الإحصاء.
فيما ذهب الأنصاري إلى أن مؤلف الكتاب كان مغالطا في جملة من المعلومات التي أوردها فيما يتعلق بـ الأحوشة وعادات أهالي المدينة.
سخونة النقد التي سيطرت على أجواء الندوة، دفعت خطاب إلى أن يهدد بترك مقعده إذا خرج النقاش عن سياقه الموضوعي.
وأكد خطاب أن الكتاب يمكن أن يكون نواة لمشروع كبير تتضافر فيه وسائل التقنية الحديثة، وذلك لتقديم صورة حية ملموسة للمدينة المنورة بمختلف جوانبها الاجتماعية، وأنه حين يتصفح الكتاب يشم عبق المدينة ويسمع أصوات التسبيح في الحرم ومختلف أصوات المؤذنين من منارات المسجد الخمس، وأصوات الباعة، وأهازيج قوافل الحجاج.
ورأى خطاب أن الكتاب ممتع عاطفيا وعقليا لمن عاش بالمدينة بالقرنين الـ14 والـ15 الهجري، مشيرا إلى أن ما أمتعه هو الجزء المتخصص بالأحواش حيث يقف المؤلف بوقفتين تحليليتين للتراث النظري لظاهرة الأحواش، ثم يضع الإطار النظري لهذه الظاهرة ثم يفصلها وهنا يقترن الحنين مع الحس التاريخي.
بينما ذهب فلاح في قراءته إلى أنه كان من أشد الناس حماسة لخروج كتاب عسيلان، خصوصا وأن موضوعه موروث المدينة المنورة مبعثر بين الأوراق، وفي صدور الناس، إلا أنه لم يعد حفيا به بعد خروجه كما كان قبل قراءته.
وقال إنه خرج بنتيجة مفادها أن كاتبه ذو قدم في الأعمال الإدارية هي أرسخ وأمكن منه في الأعمال المعرفية والتأليف، مشيرا إلى أن الكتابة في الموروث والفنون الشعبية لا تتأتى لأساليب التقارير ولا المراصد والإحصاء والتسجيل حيث إن للموروث لونا وطعما ورائحة ما كان لأحد أن يظهرها إلا من برع في فنون القول وأساليب الكتابة.
في حين رأى الأحمدي أن الكتاب يكتسب أهمية من حيث عرض مشاهد لحياة لن تتكرر، وأن المؤلف وضعنا في فضاء كبير يدفعنا للاسـتنتاج، إلا أنه لم يشر للغزل الذي كان وسط المدينة وأطرافهـا، حيث كان البدو يحيطون بالمدينة من معظم جوانبها، فيما يتهيـبون من الدخول إليها إلا لعمل أو تسوق.
وحول العـبارات الشعبية التي وردت في الكتاب يرى الأحمدي أن المؤلف اتبع فيها منهج كتابة النص كما ينطق معلنا تأييده لهذا المنهج، وتمنى تطبيق الأخذ بما أشار إليه، خصوصا وأن كتب المدينة تصل إلى بقاع الدنيا، ولا بد أن تضاف شروح توضح تلك المسألة كي ينطق المثل بطريقة صحيحة.
وأكد الأحمدي أن الكتاب يضعنا أمام فرصة ثمينة للتعرف على المدينة من خلال الخرائط التي وضعها لحرات المدينة وأسواقها.
من جانبه، تأسف الأنصاري على لجوء الباحث للرموز حيث يتحدث عن فناني المدينة وشعراء الأغنية فيها كما حدث مع الفنان عبدو شولك حيث رمز له بـع.ش وكذلك الشاعر حسن صيرفي بـح.ص، واصفا تلك الممارسة بـالعيب حيث إن أولئك الفنانين والشعراء يعدون نخبة ولا يعيبهم ذكر أسمائهم مع الفنون التي قدموها.
مؤلف الكتاب محمد صالح عسيلان ذهب في رده إلى أن الشجرة المثمرة تقذف بالحجارة، مؤكدا أنه يرحب بالنقد الموضوعي والعلمي في مناقشة الآخرين.
ومضى عسيلان بالقول: لن أتمثل قول المتنبـي أنام ملء جفوني فلست المتنبي ولكنـي محمد صالح عسيلان، ويكفـيني فخرا أننا في هذه الندوة أمام محققي التراث وعلماء اللغة ينتقدون ويعرضون للكتاب، مشيرا إلى أن النقد الموضوعي والجذاب هو سويداء القلب منه، واعدا بالأخذ بجميع الملاحظات التي وردت على كتابه فيما يتعلق بتكرار الأمثلة الشعبية، مـشيرا إلى أن الأخطاء المطبعية تقع وصـدق من قال من ألف فقد استهدف.