لا شك أن رئيس جنوب السودان سيلفاكير ميراديت قد نزع القبعة الغربية التي اشتهر بارتدائها، عن رأسه واستبدلها بقلنسوة يهودية عندما زار مركز ياد فاشيم، أو خلال لقائه كبار المسؤولين الإسرائيليين، خلال زيارته (قبل يومين)، للكيان الصهيوني. ولأن الزيارة كانت قصيرة لم نعرف ما إذا كان الزائر قد عرّج على حائط البراق( المبكى عند اليهود) لتكتمل معموديته اليهودية، بعد أن تطابقت أفكاره، مع الأفكار الصهيونية، عبر اعتباره إسرائيل دولة نموذجية يجب أن يحتذى بها.
الزيارة كانت قصيرة، ولكن ما خرجت به من نتائج، كان خطيرا، ربما أرعبها، موافقة ميراديت الضمنية على اقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تهجير آلاف اللاجئين السودانيين والأفارقة في إسرائيل إلى جنوب السودان، مقابل مبالغ مالية. وهو ما يذكرنا بشراء إسرائيل لليهود الفلاشا في عمليتي موسى (1984) وسليمان (1991) عبر الجسر الجوي الذي ربط إثيوبيا بإسرائيل عبر جنوب السودان، مما يعني أن جزءا من الفلاشا سيكونون ضمن صفقة سيلفاكير - نتنياهو، إضافة إلى اللاجئين الآخرين الذين أمضوا في إسرائيل ردحا من الزمن، وبالتالي ستكون جوبا مسرحا لجواسيس مدربين لدى جهاز الموساد ينطلقون منها شمالا وفي كل الاتجاهات.
لم تخف إسرائيل فرحتها بتقسيم السودان، وما إن نشأت الدولة الوليدة في 9 يوليو الماضي، حتى اعترفت بها إسرائيل في اليوم الثاني. مخاطر ما يحصل حاليا في جنوب السودان، هي نتيجة لخطوة الانقسام، وعلى قادة الشمال إدراك خطورة ما ينتظرهم.