دول العالم أدركت الخطر وراء ظاهرة الاحتباس الحراري وأنا لا أعتقد أن في مقدور العالم أن يوقف هذه السنن الكونية التي خلقها الله، فالتغير وارد والعصور الجليدية واردة
النظم البيئية لكوكب الأرض لم تكن ثابتة في يوم من الأيام بل هي متغيرة من عصر لآخر، والشواهد على ذلك كثيرة في التاريخ الجيولوجي للأرض، بالأمس القريب في التاريخ الجيولوجي كانت الجزيرة العربية عبارة عن مروج خضراء تسير فيها الأنهر من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، ويكسو الجليد قمم جبالها، ثم بدأت في التصحر تدريجياً مع بداية انحسار العصر الجليدي الأخير منذ حوالي عشرة آلاف عام تقريباً حتى أصبحت الآن صحراء جرداء، وسوف يستمر هذا التصحر حتى بداية العصر الجليدي المرتقب الذي تشير الدلائل العلمية إلى قرب حدوثه!
ومن هذه الدلائل ـ وقد ذكرتها في العديد من المقالات السابقة على صفحات هذه الجريدة الميمونة ـ ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية، وانخفاض سرعة تيار الخليج Gulf Stream عند وصوله إلى الدائرة القطبية الشمالية! ولكن ما السبب وراء ظهور هذه الدلائل؟ لا شك أن السبب وراء ظهور هذه الدلائل وهو ظاهرة الاحتباس الحراري، ولكن ما السبب وراء ظهور ظاهرة الاحتباس الحراري؟ هذه الأسباب يمكن تقسيمها إلى نوعين من الأسباب: السبب الأول كما يدعي البعض هو أنشطة الإنسان الصناعية التي بدأت مع بداية النهضة الصناعية، هذا قد يكون من الأسباب ولكنه ليس كل الأسباب، أما السبب الثاني: وهو السبب الأقوى من وجهة نظري، فيعود إلى ظواهر فلكية تعصف بالكرة الأرضية وفق جدول زمني معين، مثل تعاقب الليل والنهار! وهذه الظواهر الفلكية هي أيضاً على نوعين النوع الأول: يمثل دورات محددة لانفجارات تحدث في كوكب الشمس تعرف بالبقع الشمسية، تبعث بكميات كبيرة من الطاقة الحرارية على سطح الأرض مما يتسبب في ارتفاع درجة حرارة غلافها الجوي، وقد اكتشفت هذه البقع الشمسية، حوالي عام 1600 عندما اكتشف العالم الإيطالي الجليل جاليليو التلسكوب، ودفع حياته ثمناً لهذا الاكتشاف عندما نادى بكروية الأرض!
أما النوع الثاني: فهو ما يعرف بدورات ميلانكو فتش، والسيد ميلانكو عالم صربي متخصص في مادة الرياضيات والحساب، وقد اكتشف دورات للعصور الجليدية تعصف بكوكب الأرض وفق دورات زمنية محددة كل 100 ألف عام، و 40 ألف عام، وكل 21 ألف عام، والسبب في حدوث هذه الدورات الجليدية أعاده ميلانكو فتش لثلاث أسباب فلكية، السبب الأول التغير في طول محيط الفلك الذي تدور فيه الأرض حول الشمس، أما السبب الفلكي الثاني فهو التغير في ميل محور الأرض على مستوى الفلك الذي تدور به الأرض حول الشمس، والذي يتراوح ما بين 22 ونصف درجة إلى 24 ونصف درجة، أما السبب الفلكي الثالث فهو التغير في سرعة دوران الأرض حول نفسها، وقد تحدثت بالتفصيل عن هذه الظواهر في مقالات سابقة.
دول العالم أدركت الخطر وراء ظاهرة الاحتباس الحراري وأنا لا أعتقد أن في مقدور العالم أن يوقف هذه السنن الكونية التي خلقها الله، فالتغير وارد والعصور الجليدية واردة، والحضارة الغربية ستندثر عاجلا أم آجلا!! فسنة الله في هذا الكون ماضية، و لا يستطيع العالم أن يوقف هذا التغير حتى لو اجتمعوا على صعيد واحد! العالم يدرك أبعاد هذه الصورة القاتمة ويحاول جاهداً أن يخفف من وطأة هذه الكارثة أو حتى تأخير حدوثها، لذلك قامت هيئة الأمم المتحدة كونها الممثل الشرعي لسكان الأرض بدعوة دول العالم للاجتماع لدراسة أبعاد هذه الكارثة، فعقد مؤتمر الأرض في البرازيل عام 1992 شارك فيه أكثر 172 دولة، بمشاركة أكثر من 108 رؤساء، كان في مقدمتهم الرئيس بل كلنتون رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت، قمة كيوتو التي عقدت في اليابان بتاريخ 11 ديسمبر 1997 صدر عنها ما يعرف ببروتوكول كيوتو Kyoto Protocol ، ودخلت بنود هذا البرتوكول حيز التنفيذ في عام 2005، ثم اعتماد قواعد مفصلة عن هذا البروتوكول في مؤتمر الأطراف السبعة في المغرب بمدينة مراكش عام 2001 والتي أطلق عليها اسم اتفاقات مراكش، وكان من أهم هذه الاتفاقات إلزام الدول الصناعية بتخفيض انبعاث الغازات الصناعية من مصانعها بمقدار 5%، وقد رفضت الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند التصديق على بنود هذا البروتوكول، وفي عام 2009 عقدت قمة الأرض في كوبنهاجن ولكنها فشلت فشلاً ذريعاً، وتلت قمة كوبنهاجن قمة كينكون في المكسيك Cancun, Mexico ولم يكن حظها أوفر مما سبقها من قمم، ومنذ أيام عقدت قمة الأرض في مدينة ديربن Durban بجنوب أفريقيا ومن أهم ما اتفق عليه المؤتمرون هو أنهم لم يتفقوا على جديد! وما قيل في قمم الأرض السابقة المذكورة أعلاه تم اجتراره في هذه القمة!!، وهم سواء اتفقوا أو لم يتفقوا فالتغير على كوكبنا الأزرق قادم، شئنا أم أبينا!! وكم كنت أود أن أوضح بعض القرارات والبنود الواردة في بعض هذه القمم ولكن المقام لا يتسع لذلك، والخوف كل الخوف أن تستخدم الدول الصناعية قرارات هذه البنود في تسييس ظاهرة الاحتباس الحراري، واستخدامها بطرق غير شرعية في ابتزاز الدول النامية والدول المنتجة للنفط، تحت اسم وشعارات زائفة مثل صندوق البيئة الأخضر وضريبة الكربون.