سأستبدل (لماذا) بـ(هل) حتى لا يأخذ الأمر صفة القطعية، وأعيد صياغة السؤال، ليصبح كالتالي: هل فشل الخليجيون في تكوين صداقات وعلاقات إنسانية دائمة مع ملايين البشر الذين يفدون إلى بلدانهم؟ هذا من الموضوعات التي تشغل بالي منذ فترة طويلة ولم أعثر له على سبب واحد مقنع!
دعونا نأخذ الجنسية المصرية مثلا.. ملايين المصريين مروا علينا في السعودية.. منهم من غادر ومنهم من لا يزال بيننا.. اليوم لو تعرض قارئ هذا المقال لأي مشكلة في مصر ـ مهما كانت المشكلة بسيطة ـ تجده يتجه نحو سفارة بلده طالبا العون!
السبب لأنه لا يعرف أحدا غير سفارة بلده يلجأ إليه، وكأنه في ستوكهولم أو كوبنهاغن! وكأنه لم يتعرف في حياته على الكثير من الأشقاء المصريين.. في المدرسة في الجامعة في العمل في المسجد والمستشفى والشركة والمؤسسة والسوق وغير ذلك. واليوم أيضاً لو ضاعت محفظة نقودك في جاكرتا أو مانيلا فلن تجد أي شخص تلجأ إليه، سوى سفارة بلدك، بينما مر عليك في منزلك تحديداً ـ وهنا المؤلم ـ الكثير من العاملات الفلبينيات والإندونيسيات.. عاملة عاشت زمناً طويلاً، وتقاسمت معكم الفرح والحزن، وانتهت علاقتكم بها في المطار.. بينما يتعرف الخليجيون على بعضهم في مقهى عابر، وتنشأ بينهم علاقة ممتدة، تستطيل جذورها يوما تلو آخر! واللافت أن الخليجيين ـ حتى في مواقع التواصل الاجتماعي ـ يوطدون علاقتهم ببعض.. ولا يفعلون ذات الشيء مع الجنسيات الأخرى.. عربا كانوا أم غير ذلك.. وما زلت حائرا أمام هذه الظاهرة الغريبة؟!