في منتصف الثمانينات أنجبتني أمٌ عظيمة فكان القدر أن أكون أمجد المنيف رجلا بسيطا يقتات من هم الناس ذخيرة قلمه وأفق وعيه، وفي الألفية الثانية كان لي عدة محطات ساهمت في صنعي لعل آخرها محطة الوطن التي وضعتني في أواخر هذا العام بين أيدي قرائها ككاتب مسؤول ينتمي لكم غرّة كل سبت.
صاخبةٌ هي الموضوعات التي راودتني عندما فكرت بمصافحة عقولكم لأول مرة. ولأني أعلم أنه من الواجب عليّ أن أتحسس كهوف أوجاعكم وأعيد صياغتها حرفياً بما يسلط الضوء على الحلول قررت أن أكتب عقداً (روحياً) عما سنكتب معاً، وحول الحقول التي سنقفز بها سوية، فمقالاتي لن تكون سوى مرآة لمعاناتكم، وصدى لأصواتكم.. بنبرة أعلى!
لا أجيد الوقوف في المناطق الرمادية، بل لا أؤمن بأن للقضايا ألواناً غير الأسود والأبيض، وما سواهما فهو تزييف للحقائق مهما اختلفت درجة اللون.. ومهما كانت اللوحة! ولم أعتد أن أكتب مقالاتي بأقلام فاخرة علواً وزهواً؛ بل إن حروفي أكتبها بأقلام رخيصة الثمن غالية المبدأ؛ تماماً كالتي يحملها البسطاء، فهمومنا ذاتها، وحرفنا مشترك، و هدفنا واحد. وبجانب ذلك القلم أحتفظ بشمعة مضيئة على مكتبي المتواضع، أتحسس بها مواطن الجمال، وأستعين بها عندما أسير في دهاليز الخطوط المظلمة، ولي فيها مآرب أخرى!.. لا أبالي بلسعاتها عندما أعبث كثيراً بأنفاق الحقيقة، ولا أمانع من التخلي عنها في نصف الطريق في حال لم تواصل المسير معي إلى آخر النفق.
وأوقع عقدنا الروحي بوعدي لكم: بأن أكتب الحقائق كاملة في حال معرفتها ولن أهديكم نصفها، ولن أحرّفها أو أغلفها أو أجملها، وسأصمت في حال عدم مقدرتي على قولها بشكل كامل أو موضوعي. ولن أجامل أو أحابي، وتأكدوا أن من يمارس التضليل لا يحترم قراءه. ولكن رأيكم هو الحكم؛ لذا سيظل بابي مفتوحاً لشتى اقتراحاتكم وأصواتكم.. جميعاً بلا استثناء!