توقعت علياء أسئلة لجنة مناقشة البحث وأجابت عنها في مقدمته وكأنها تعلم بوفاتها قبل أن تحصل على الجائزة
هل كانت تشعر الباحثة علياء محمد عسيريباحثة أبها (التي فازت بالريشة الذهبية في الملتقى العلمي الثاني للتعليم العالي بعد رحيلها ونشرت الوطن قصتها أول من أمس) أنها ستفارق دنيانا ولن تتمكن من مناقشة بحثها؟. هذا هو أول ما يتبادر إلى ذهن كل من يقرأ بحث علياء الذي حصلت الوطن على نسخة منه. فقد وضعت علياء لنفسها في مقدمة البحث مجموعة من الأسئلة كان من المفترض أن توجه لها أثناء مناقشة بحثها لتجيب بنفسها عنها، وكأنها كانت على يقين بأنها لن تحضر مناقشة البحث ولن تتسلم الجائزة فأرادت أن تترك إجاباتها مدونة في مقدمة البحث نفسه. وفي ختام البحث الذي جاء تحت عنوانالإبداع للوجبات المدرسية الصحية تقول الراحلة: لا أعلم نتيجة ما فعلت، لكن كلي أمل أن أحقق ما أصبو إليه، وأن أحلق بعيدا في سماء الإبداع، وأن أجد لنفسي مكانا في مصاف العظماء، وأن يفخر بي الذين آمنوا بموهبتي، وأن أحقق ذاتي، ليس من أجلها، وإنما من أجل من كانوا عونا لها، وأن أضع نفسي بنفسي حيثما أرادت نفسي، وأن يرفع لي الجميع القبعة.
ومن بين الأسئلة التي طرحتها علياء على نفسها في مقدمة بحثها، لماذا فكرت بمثل هذا المشروع؟، وتجيب: عندما ننظر لمجتمعنا، نجد أنفسنا استهلاكيين في جميع شؤون حياتنا، واعتمادنا مباشرا وغير مباشر على غيرنا حتى في أبسط المهن في حياتنا، وبعد هذا كله، نشتكي من البطالة، وأن مشروعي سيواجه في البداية انتقادات كثيرة، لأن الكل يعتقد أن الهدف مادي أو لقتل وقت الفراغ أو شبح البطالة.
وتسأل علياء نفسها: إذن ما هو هدفك من البحث؟، وتجيبالهدف الأساسي بعيد تماماً عن كل التكهنات، فهدفي أن أكون شخصية إيجابية، وأن أحطم القيود التي طالما كبلت الفتاة السعودية، حتى إننا لا نستسيغ غير أنها أم أو معلمة فقط، وأردت أن أقدم لمجتمعنا الرعاية الكافية من أجل المساهمة ولو بشيء بسيط في سبيل إيجاد أمثال صانعي حضارتنا لعلنا نسترد شيئا من أمجادنا العلمية الضائعة.
وتقول علياء قد تكون الفكرة لا تستحق العناء بالنسبة للبعض، ولكن ما لمسته عند تنفيذي للمشروع، جعلني أدرك مدى أهمية ما فكرت بعمله، وتوقفت عن تنفيذ المشروع لعدة أسباب، أهمها أنني ما زلت أبحث عن المزيد من التمكن العلمي والإداري والفكري، وكذلك المادي، وأنني بعدما أحصل على شهادة الماجستير - بإذن الله - سأجد في نفسي الشخصية القادرة على تحدي الصعاب التي حالت دون الاستمرار بمشروعي، ليس هذا فقط ما أفكر أن أقوم - إن شاء الله – بتنفيذه، فلدي قائمة طويلة سيمكنني الله عز وجل من تطويرها وتنفيذها. وكشفت علياء عن أول عقبة تواجهها في بداية مشروعها بالقول كيف سأجد مؤسسة تعليمية تتفهم الغاية من مشروعي، وتساعدني في تنفيذه؟ وأضافت كانت رحلة البحث طويلة، إلى أن قيض الله لي عقلا واعيا أدرك أهمية بحثي، وبمجرد طرح الفكرة كان ذلك الشخص - صاحب مدارس صدى الإبداع الأهلية بخميس مشيط-، وبالفعل احتضن صدى الإبداع الإبداع، وبدأت أول خطوة في مشروعي. وعن سبب وفاة علياء التي وافتها المنية يوم افتتاح الملتقى يقول زوجها محمد أبو زيد: زوجتي كانت تعاني التهاب المرارة، ومع هذا اجتهدت في دراستها، وبحثها إلا أننا فؤجئنا بها تتألم، وأبلغنا الأطباء أن المرارة انفجرت. وعزا ذلك حسب علمه إلى معاناتها مع السهر والمجهود الذي قامت به والإرهاق من أجل استكمال بحثها قبل موعد المؤتمر.