تحت ضغوط أوروبية مكثفة وبسبب تراجع الموقف الأميركي عن إرسال أسلحة أو مدربين إلى ليبيا، بدأ المجتمع الدولي بصورة تدريجية دخول درب البحث عن حل دبلوماسي للحرب بمباركة من معمر القذافي الذي بعث برسائل إلى الأطراف المعنية تهدف إلى تشجيعها على دخول هذا الدرب. وكانت خلافات واشنطن بلغت حدا تردد معه أن وزارة الدفاع (البنتاجون) لن تجيز في أي ظرف من الظروف إرسال أسلحة أو مدربين بالنظر إلى احتياجها لتلك القدرات لمواجهة حركة طالبان التي تعد لهجوم على التحالف في أفغانستان مع تحسن الطقس هناك.
وكانت واشنطن تعللت بأن الأسلحة التي يحارب بها الثوار غير حديثة وبإمكان أي دولة أخرى غير الولايات المتحدة أن ترسل ما يريده الثوار من سلاح ومدربين لمساعدتهم على استخدامه. وقال الباحث في معهد بروكينجز ديفيد كروبان: إن تفوق النظام على الثوار في مستوى السلاح وكثافة النيران هو تفوق حاسم. وأضاف أنه بدون مساعدة خارجية فإن الثوار سيتعرضون لما هو أسوأ من الهزيمة العسكرية إذ يمكن أن تشهد مدن شرق ليبيا مذابح مروعة بواسطة قوات القذافي. وأشار كروبان إلى أن الأوروبيين سيفضلون في أغلب الأحوال التوصل إلى صفقة مع الزعيم الليبي. وشرح ذلك بأن هناك علاقات قديمة تربط القذافي بعدد من القادة الأوروبيين. ووجه العقيد تحذيرا مبطنا إلى الدول الأوروبية بأن بوسعه تهديد مدنييهم بعمليات إرهابية إذا ما أقدموا على تسليح الثوار وتدريبهم. فضلا عن ذلك فإن هناك وسطاء أوروبيين معروفين يطوفون بالعواصم الأوروبية لعرض إغراءات العقيد وللتحذير من وجود متطرفين في صفوف الثوار. وتنشر أجهزة استخبارية بين الفينة والأخرى تقارير لا نعرف مدى صحتها عن انتشار عناصر القاعدة في صفوف الثوار.
وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس استبعد بصورة قاطعة إرسال أي شيء إلى ليبيا. وقال عسكريون: إن هذا السقف للدور الأميركي يزيد من احتمالات هزيمة الثوار لاسيما أن الأوروبيين قد يكونون أكثر ميلا للمساومة مع العقيد.
وفي السياق، رأى قادة البنتاجون أن الثوار بحاجة إلى التدريب أكثر مما هم بحاجة إلى أسلحة لمواجهة قوات القذافي، غير أن دولا أخرى يجب أن تتكفل بذلك.
بدوره قال رئيس هيئة الأركان الأميركية مايك مولن: إن تدريب الثوار وتسليحهم يجب ألا يعود حكما لدولة من الحلف الأطلسي وفي وسع دول عربية تولي هذه المهمة. ذاكرا منها تحديدا قطر والإمارات. وأفاد مولن بأن هناك نحو 1000 مقاتل فقط من المعارضة حصلوا على أي نوع من التدريب العسكري.
من جهة أخرى، اعتبر السيناتور الديموقراطي الأميركي تشارلز شومر أنه يتوجب على الثوار إذا كانوا يريدون الاعتراف بهم من قبل واشنطن، أن يسلموا الليبي عبدالباسط المقرحي الذي أدين في تفجير لوكربي (اسكتلندا)، وذلك في رسالة إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أول من أمس. وعبر سيناتور ديموقراطي آخر هو روبرت ميننديز عن موقف مماثل مطلع مارس الماضي.