سيطرت العمالة الوافدة على قطاع التجزئة بالكامل وقطاع النقل والورش وقطع الغيار وقطاع البناء والتشييد والصيانة وأحكمت سيطرتها على الاقتصاديات الصغيرة والمتوسطة التي لا يمكن للمواطن العادي الاستغناء عنها
الملايين المتزاحمة من العمالة الوافدة في مدننا وقرانا لم تعد خطرا على فرص أبنائنا في الحصول على العمل فحسب، بل إن الأمر تجاوز ذلك بكثير، فأصبحت خطرا على أمننا الاجتماعي والاقتصادي بشكل لم يعد احتماله.
فلا شيء يحبط الإنسان مثل إحساسه بالاغتراب في وطنه ووصوله إلى مرحلة من اليأس حيال التعامل مع قضايا جوهرية تؤثر على حاضره ومستقبله.
وطبيعي أن ينتج عن هذا الاحساس درجة عالية من الإحباط تلازم الشخص كلما خرج من منزله.
هذا الإحساس يتكون من خلال المشهد اليومي الذي يعايشه المواطن السعودي والمتمثل في سيطرة محكمة من قبل العمالة الوافدة على كل شيء، فإلى الله نشكو ضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على بعض الوافدين الذين وصل بهم الإحساس بالأمن من العقوبة إلى درجة التحرش بالنساء وترويج الخمور والمخدرات والابتزاز وقطع الإشارات وحجز السالكين للشوارع العامة من خلال إغلاق المسارات الخاصة بالمتجهين يمينا وشمالا دون أدنى اكتراث.
ومن الناحية الاقتصادية، سيطرت العمالة الوافدة على قطاع التجزئة بالكامل وقطاع النقل والورش وقطع الغيار وقطاع البناء والتشييد والصيانة وأحكمت سيطرتها على الاقتصاديات الصغيرة والمتوسطة التي لا يمكن للمواطن العادي الاستغناء عنها. وأحكمت هذه العمالة قبضتها على الكثير من المهن والأعمال التي كانت إلى وقت قريب لا يمارسها إلا السعوديون فمن يصدق عندما يذهب إلى سوق التمور أو سوق الأغنام أن يجد مختلف الجنسيات يمارسون البيع والشراء وأحيانا النصب والاحتيال، وامتد عبثهم إلى درجة الفوضوية فبعضهم لا يتردد في تحويل بعض الشوارع إلى أسواق متنقلة وينتج عن ذلك إرباك لحركة المرور وربما ينتج عن ذلك حوادث مرورية وكل هذا لا يهم فالمهم أن يتكسب هذا الوافد بأي طريقة.
أما الخطر الاجتماعي، فيتمثل في شعور المواطن بالاغتراب في بلده وكثيرا ما يجد نفسه الحلقة الأضعف ويضطر إلى الانسحاب من المشهد والتعايش مع الوضع رغم قناعته بأنه ضحية غش ونصب واحتيال ولكن يعرف أنه لا يوجد خيار آخر إلا اللجوء إلى العنف وهذا أمر مستبعد، فالكثير من الوافدين يلاحظ عليهم نبرة التحدي عندما تتم مناقشتهم في تصرفاتهم.
يضاف إلى ذلك دخول بعض هذه العمالة في مرحلة إحساس بالأمن من العقوبة وهذا يقودهم إلى ممارسة أعمال لها حساسية اجتماعية فمن يصدق أن تقوم شرائح من هؤلاء الوافدين بممارسة الابتزاز والمساومة على الشرف والعرض الذي يعد من الجرائم الكبرى التي لا يقدم عليها إلا من ينتابه شعور بعدم الخوف والإحساس بعدم العقوبة الرادعة وعدم الرهبة من المجتمع خصوصا بعد ما ثبت لهم أن عقوبة الترحيل تعد مكافأة حيث يحصل الوافد على تذكرة مجانية للذهاب إلى بلده.
ومن الناحية الديموجرافية، فإن وجود تسعة ملايين وافد في مرحلة الشباب يمثل خللا لصالح الوافدين في التوازن الديموجرافي للسكان وتبلغ هذه الخطورة قمتها في بقاء هذه العمالة لفترات طويلة جدا وجلب زوجاتهم وعوائلهم بطرق غير شرعية والإنجاب على أرض المملكة بشكل غير نظامي، وما هي إلا بضع سنوات وسنواجه جيلا من الذين ولدوا وعاشوا على أرض المملكة وربما نواجه إحراجا كبيرا لا نفكر فيه الآن وعندها سنكون مضطرين إلى اتخاذ قرارات من شأنها أن تغير الشكل الاجتماعي والبنية الديموجرافية للمجتمع السعودي.
ومن الناحية الأمنية، فإن المتأمل لنوعية جرائم العمالة الوافدة يدرك تحول الجرائم التي ترتكبها العمالة من طابع بسيط إلى جرائم الدرجة الأولى كالسرقة والقتل وابتزاز النساء وتصنيع الخمور وترويج المخدرات.
فضلا عن أن غالبيتهم يرتكبون المخالفات بشكل يومي ويقطعون الإشارات ويعكسون الطرق ويوقفون سياراتهم بشكل خاطئ دون أدنى اهتمام وبشكل لا يخلو من الاستهتار.
مصلحة المجتمع الاستراتيجية يجب أن تقدم على المصالح الأخرى مهما كان نفوذ وسطوة أصحابها، واتخاذ قرارات صعبة في هذا الوقت أمر لم يعد خيارا بل أصبح واجبا وطني لأن عدم اتخاذ هذه القرارات يعتبر أكثر خطورة من اتخاذها.