لا أشك للحظة أنه كلما تكاثرت الخطوط الاجتماعية الحمراء في مكان.
لا أشك للحظة أنه كلما تكاثرت الخطوط الاجتماعية الحمراء في مكان، تفاقم تخلفه، وتفشى عجزه، فالمجتمعات التي وبدواعي الريبة تختبئ خلف كتل صلبة من العيب هي مجتمعات خائفة من التغيير، متوجسة من القادم، حتى وإن كان محملاً بالنهوض، مبشراً بالتنوير.. والأكثر خيبة من هذا هو أن ذلك العيب يصبح ومع تقادم الزمن فخراً ترتديه الأجيال، وحكاية عظيمة تتفرد بها.. ويصبح نقده جنحة عظيمة تكلفك الكثير من التهم المعلبة التي تلقى عليك. وستسمع من يقول: نعم ربما أتفهمك أيها الرجل المهتم بنقد التراث الذي لم يعد مهماً، وكسر تعلقنا المتطرف بالماضي، وبقية ما أشغلت مسامعنا به، لكنك ترتكب عيباً ضخماً بنقدك لما تسميه عيب، فـعيبٌ عليك فعل ذلك، لو كان الأمر بيدك لجعلتنا نسخة أخرى من تلك الدول التي ليس لها ملة ولا مذهب، ولخلعت عنّا ما نتميز به عن الآخرين، فعلاً بدأت أشك بمدى رجولتك. تعلم وقتها أن زحزحة قناعات كهذه أصعب من أن تقنع جبل طويق أن يرقص باليه.
ديكتاتورية العيب تتحول إلى عصا غليظة تحدد لك أدق تفاصيل حياتك، فحين ينبتك الله على هذه الأرض وبعد أن يجرّ والدك أذنك الصغيرة حينها ستسمعه بلا شك يقول: عيب يا بابا، وعندما تكبر وتصبح رجلاً جيداً تتطور الحكاية لـ: واعيباه.. بهذا العمر ويفعل ذلك..!
حتى وأنت تقص تذكرة مغادرتك عن هذه الحياة، ويأتي من يسلم على ورثتك بقصد التعزية ستسمع أحدهم يقول: عيبٌ عليهم، ساعة ونحن مغروسون هنا، ولم يصبّ لنا أحد مشروباً ما، حينها تتمنى أن تخرج من قبرك لتقول: دعونا نسوّ الأمر، لا شأن لأحد بي، حياتي أصرف أيامها بالطريقة التي أشاء، مادمت لا أزعج أحدكم بها يا قوم، دعوني فقط أرقد بسلام.. عيبٌ عليكم ما تصنعون، ألتقيكم لاحقاً.