صدمت عندما وقعت عيني وأنا أتصفح أحد المنتديات الإلكترونية المحلية على كلام أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه مسيء إلى الدين بأسلوب
صدمت عندما وقعت عيني وأنا أتصفح أحد المنتديات الإلكترونية المحلية على كلام أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه مسيء إلى الدين بأسلوب مستفز للمشاعر والحمية! فاستغربت من حالة التناقض التي نحتج فيها على مقال أو كاريكاتير مسيء لرسام أو كاتب أوروبي بينما لا نحتج على كاتب من بني جلدتنا يسيء إلى ديننا. وقبل أن أطالب بوقف التعدي على حرمة الدين ومحاسبة مرتكبيه لا بد من التأكيد على قاعدة ثابتة وهي أن الذات الإلهية والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هما الخط الأحمر الذي يجب أن يكون له الاهتمام الأول وأن حماية هذا الخط لا تتعارض مع ضمان حرية التعبير واحترام الرأي الآخر. وحتى لا يفسر كلامي في غير محله، فإن أنظمة الإعلام لدينا تضع الدين والرمز الإسلامي في المقام الأول ثم بعد ذلك يأتي الرمز الوطني.
ما زلت حتى الآن مستغرباً كيف تستمر بعض المنتديات المحلية في الإساءة إلى الدين بجرأة واضحة رغم تحذيرات وزارة الثقافة والإعلام من استغلال حرية التعبير في المساس بالدين. من بين الأمثلة التي تحفل بها هذه المنتديات، اخترت مثالاً واحداً نال فيه أحد الكتاب من الإسلام ما لم ينله إلا الأعداء. وتحت عنوان قريش أرادت الإيمان لكن الرسول لم يساعدها، نفى أن تكون قبيلة قريش قد كابرت حين لم تسلم.. وادعى أنها كانت تريد فقط المنطق أي الدليل من الرسول ليثبت لهم أنه رسول مرسل من الله! ويقرر في مقالته أن النبي قد تهرب من تقديم المعجزة والبرهان لهم. وفي رأيه أن هذا كان سبباً في رفضهم الدخول في الإسلام وكما جاء في تصوره، فإنهم لا يلامون. وبنفس المنطق العدائي الذي يتبناه بعض المستشرقين، يسقط الكاتب تهمة الإرهاب والعنف على الإسلام حين وصف عدم تقديم الرسول الحجة لقريش تهرباً تسبب في إراقة الدماء و نشر الحروب و العداوات والأشلاء!
بكل المقاييس يجب وقف هذا التعدي الصارخ. لذلك نريد أن نرى تنظيمات النشر الإلكتروني لا تقف دون مساءلة كاتب في هذا المنتدى وهو يتجرأ على مدى عدة أيام على الذات الإلهية وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: ما دمتم تريدون الإيمان فلماذا هذا التصعيب والتهرب (!) وبكل تأكيد لا يمكن لأي أحد أن يدعي بأن المناداة بوقف التعدي على الدين تعد انتهاكاً لحرية التعبير. ولا يمكن أن يدعي أحد أن حرية انتقاد الدين مكفولة بالمطلق في المجتمعات الأوروبية وأمريكا. ذلك أن نقد الدين في الغرب أمر لا تقرره الحرية فقط وإنما يقرره المكون الثقافي الذي يتعامل مع الذات الإلهية والأنبياء على أساس غير قدسي. على العكس من ذلك فإن تعاملنا مع الله والرسول يعد مكوناً إيمانيا مقدساً وبالتالي فإن المطالبة بوقف الكتابات المسيئة للمكون الإيماني لدينا تعد أمراً ملزماً للغير من باب احترام حرية الاعتقاد لأنه خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه.
لسنا في حاجة إلى وضع تنظيمات جديدة لمراقبة المنتديات الإلكترونية التي تتهجم على الدين فالتنظيمات الإعلامية الأخيرة تعد كافية للالتزام باحترام هذا الخط. ولكن أشد ما نحتاجه من وزارة الثقافة والإعلام في هذه الأيام هو تفعيل تطبيق العقوبات الواردة في نصوصه بمحاسبة وتجريم من يقترب من حماه وتسرع في وقف من يتعدى في المنتديات الإلكترونية على الذات الإلهية وعلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.