فضل مريض بالإيدز أن يعتزل الناس حتى لا يطلع على سره أحد، والهرب من نظرات الفضوليين، خاصة بعد طرده من وظيفته، بسبب مرضه، فما زال الإيدز مرضا يتوجس منه الكثيرون، ويتجنبون المصاب به، على الرغم من تأكيدات الأطباء بإمكانية التعايش مع المريض باتخاذ احتياطات معينة تجنب الآخرين العدوى.
يقطن الشاب السعودي (ع . ص) والبالغ من العمر (38 عاما) في منزله الذي يبعد 90 كيلومترا عن مدينة جدة، ويتكون من غرفة ومطبخ ودورة مياه قسمت بصفيح متهالك، ويحيطها فناء متواضع. تشاركه في هذا المنزل أسرته المكونة من عشرة أشخاص، يتقاسم معهم فتات الخبز بسبب تردي حالته المادية، وافتقاره لدخل مادي يؤمن له الحياة الكريمة.
يقول الشاب إنه يعاني من الموت البطيء، بعد طرده من وظيفته كمهندس في إحدى الشركات، وخسر بذلك الدخل الوحيد الذي كان يساعده على توفير لقمة العيش له ولأسرته، وبعد أن عجز عن دفع إيجار المنزل الفاخر الذي كان يسكنه، فضل الانتقال من وسط جدة، إلى خارج المدينة، ليهرب من نظرات من حوله.
وأضاف أن المصاب بفيروس الإيدز يعيش منبوذا من المجتمع، حيث يعتقد الكثيرون أن إصابته بالمرض نتجت عن اقتراف خطيئة، بينما الحقيقة تتنافى مع ذلك تماما، فهناك كثيرون من المرضى ضحايا لإصابات بعيدة كل البعد عن العلاقة الجنسية خارج إطار الزوجية.
يتذكر الشاب السعودي سبب إصابته بفيروس نقص المناعة المكتسب الإيدز، ويقول أصبت بالمرض نتيجة عملية جراحية خارج المملكة خضعت خلالها لعملية نقل دم ملوث، وبعد عودتي للمملكة، ومرور فترة من الزمن اكتشفت إصابتي بالإيدز، فبدأت معاناتي مع المرض وأعراضه التي أصبحت تنهش جسدي يوما بعد يوم. إلى جانب معاناته مع المسكن الذي يقطنه، وافتقاره لمقومات الحياة، حيث أصبح يشاركه فيه قطط وفئران وحشرات.
ولم يجد (ع . ص) سوى سيارته المتهالكة التي ينقل بها الركاب من العمالة الوافدة بمبلغ زهيد إلى منازلهم في الأحياء العشوائية جنوب جدة، وسيلة لإطعام أسرته، لكن حالته الصحية التي تتراجع يوما بعد يوم جعلته لايملك القدرة على الاستمرار في هذا الطريق، لأن هذا العمل بحاجة إلى جهد وسير في الطرقات والمرور على المحلات التجارية للفوز بقيمة توصيلة يسد بعائدها رمق أسرته.
تقدم المريض للجمعية الخيرية لمكافحة الإيدز للحصول على مساعدة، ولكنه لاحظ شح المساعدات التي تقدمها الجمعية. وهو يطالب بأن يكون هناك أسلوب أفضل للتعامل مع مريض الإيدز، بحيث يحترم حقه في العيش الكريم كبقية البشر، ومن ثم لا يحكم عليه بناء على نظرة خاطئة، كما يدعو إلى توفير فرص وظيفية تساعده على مواجهة ظروف الحياة، وتوفير المتطلبات المختلفة لأسرته وأطفاله، للخروج من الحالة المادية السيئة التي يعيشها، والتي أصبحت كابوسا لا يستطيع الفرار منه.
من جانبها أكدت مديرة برنامج الإيدز في المملكة الدكتورة سناء فلمبان بأن الجمعية الخيرية لمكافحة الإيدز تهتم برعاية الحالات المستجدة من النساء والرجال بتقديم الدعم النفسي الذي يسهم في تماسك الفرد حتى مرور فترة الصدمة الأولى، مشيرة إلى أنه يتوفر لدى الجمعية فريق مؤهل من المصابين سواء من الرجال أو النساء درب داخل وخارج المملكة في عدد من الدول التي لها خبرة في مجال مكافحة الإيدز لمساعدة المصابين الجدد.
وأضافت أن حالات التسجيل في الجمعية في تزايد، وقد بلغ عدد الأسر المسجلة بالجمعية 300 أسرة, بالإضافة إلى 150 طفلا مصابا بالإيدز أو من أسرة مصابة.
وأشارت الدكتورة فلمبان إلى أن الجمعية تقدم النصح من خلال الخط الساخن، أو من خلال الموقع الإلكتروني، ويتم الرد على المتصل أو صاحب الاستفسار، وإبلاغه بكل المعلومات المطلوبة، كما يتم تزويده بأماكن الفحص السريع للإيدز في المملكة.