لا شك أن القتل أعلى درجات الجريمة في جميع الأديان والثقافات الإنسانية،
لا شك أن القتل أعلى درجات الجريمة في جميع الأديان والثقافات الإنسانية، ولذلك كانت عقوبته الأشد. ولأن معظم ـ إن لم تكن كل ـ مظاهر الحياة تحولت إلى أدوات رقمية يمكن أن تكون إيجابية أو سلبية، فإن هذه التقنية أصبحت من أهم وسائل الترويج للقتل أو التهديد به. وما حدث لبعض الإعلاميين المصريين مثل: وائل الإبراشي وإبراهيم عيسى وعمرو الليثي، وغيرهم، من تهديدات بالقتل بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية، لم يكن جديدا على الساحة العربية، فكم من مثقف هدد بالقتل، وكم من تهديد نُفذ أو شُرع في تنفيذه، ممن أعيتهم الحيل وقصرت بهم الحجة وخذلهم رصيدهم المعرفي.
في اعتقادي أن كل تلك الرسائل الرقمية التي انهالت على هؤلاء المذيعين ليست سوى تخويف سهلته التقنية حتى يصمتوا، لكن وفي الجانب الآخر ألا يحق لنا التساؤل عمن قتل المشاهدين؟ فالحقيقة التي يدركها الكل، تؤكد أن التحريض الإعلامي الذي تمارسه بعض الفضائيات العربية، ونشر سلوكيات تقع خارج سلم الأخلاق، هو في النهاية قتل للمشاهدين، كل أدواته مذيع ثقيل طينة أو مسترزق بفمه أو طائفي حاقد.
وفي الجانب الآخر تجد أن أدوات القتل الأخلاقي تمر عبر كم مسلسل على شاكلة العشق الممنوع، لن تنتهي ـ بعد مئات الحلقات طبعا ـ إلا وكل المشاهدين والمشاهدات قد خرجوا بنتيجة مفادها أننا شعوب متخلفة عن التطور العالمي في قبلات الحب على جانب الطريق وبالتالي ستقتل في نفوسهم آخر مراحل الكرامة والأخلاق. أما الأخطر فهو قتل أطفالنا على يد أبطال الكارتون والأفلام الهوليودية الخارقين الذين كان أحد ضحاياهم طفلا قبل أيام في إحدى مناطق المملكة حاول تقليد مشهد انتحار لبطل فيلم أجنبي، فكادت حياته تنتهي في دقائق. ولو سردنا جميع أدوات قتل المشاهدين فإننا لن ننتهي، ولكن يمكن الإضافة على ما سبق، جوقة المذيعين السامجين لدرجة لا تطاق، خصوصا عندما توكل لهم مهمة مدح صاحب مال أو جاه. فهم لا يتورعون عن تحويل أي جاهل على الهامش إلى فلتة زمانه (صاحب علم غزير وكرم جزيل ورأي سديد وشجاعة لا تقارن).. ولله في خلقه شؤون.