الجبيل: سعيد الشهراني

المعيقل: عباراتها اختصار ميكانيكي وليست إيجازاً أدبياً

لم يحل إجبار مواقع التواصل الشخصي مثل فيس بوك وتويتر مستخدميها على التعبير بأقل عدد ممكن من الكلمات دون تكيفهم كتابيا مع هذا الإجبار معتمدين في تخاطبهم عبارات قصيرة مسجوعة مثل (وطن لا نحميه لا نستحق أن نعيش فيه) و( نعم التطوير والتنوير.. لا للتظاهر والتدمير).
لغة مختصرة للتعبير عن الآراء والتطلعات الشخصية والعامة، تحيي في الذاكرة فن (التوقيعات) وعودة الإيجاز للغة العربية في الاستخدام اليومي.
أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب جامعة الملك سعود بالرياض الدكتور عبدالله المعيقل قال لـالوطن: هذه الصياغات ليست إيجازا أدبيا بقدر ما هي اختصار ميكانيكي في عدد الكلمات من أجل صياغة الشعارات، وكتابة عبارات للتعبير عن مضامين ذات اهتمامات شعبية في مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتمد القول المباشر البعيد عن إيحائية البلاغة، بحيث يفهمها كافة المتلقين لها، وتتفاعل معها مختلف مستويات الوعي والثقافة والعمر، والجنس.
وإذا كانت أحداث الخارطة العربية، قد أعلت وسائل التقنية (وسائط الميديا الجديدة)، وفرضت هذه اللغة ، يتوقع المراقبون أن تتطور - اللغة - مستقبلا للدخول في مسار البلاغة الصرفة.
يقول المعيقل: ربما يأخذ المثقفون قصب السبق في ذلك باعتبارهم من أوائل المستخدمين لها. فاللغة العربية لغة إيجاز وتعتمد البلاغة من خلال التركيز على الجوهر، والتعبير بالكلمـة الجامعة واللمحة الدّالة، فتستخدم لغة معبّرة موحية للوصول إلى معانٍ خصبة وغزيـرة، وهي في ذلك تعنى بإثراء الذوق، ورقي الدلالة في البلاغة، فالمقياس الجمالي المتـمم لبلاغة الإيجاز يشـترط مع الحد الأقصى من الإيجاز حـداً أقصى من الوضـوح والإفادة. فالإيجاز في الأدب له أكثر من بـُـعد، ففي الشعر مثلا يعتمد في مفردته الإيحاء بما وراء الكلمات، في حين يصعب أن يكون الإيجاز نفسه سمة من سمات الرواية مثلا. من أجل هذا يبقى الإيجاز له أكثر من دلالة بحسب المقام والمقال.
ويبقى الأفق مفتوحا لأن يؤسس الواقع الجديد لأساليب تخاطب تقنية حديثة تستمد قوتها من الموروث الأدبي، ومقومات اللغة. رغم أنه إيجاز قسري، إلا أنه يتناغم ولغة السرعة التي تسود الحياة، وكذلك يتوافق ومشاغل الحياة اليومية. كما ينسجم وثقافة التعامل مع وسائل الاتصال التي توفر الإنترنت على مدار الساعة من خلال جولات الكمبيوتر المحمولة وغيرها بحسب المراقبين.