مبادرة: جهود متميزة للجنة أصدقاء الصم والبكم على مدى 15 عاماً
استطاع عدد من أفراد فئة الصم والبكم في محافظة القطيف، الخروج من عزلتهم، والانخراط مع بقية أفراد المجتمع ومشاركتهم طقوس الحياة الكثيرة، بمبادرة ذاتية كسرت الاعتقاد السائد في نفوسهم حول تخوف وتهرب الآخرين منهم سواء من خلال جوانب التعامل أو طرق التخاطب، وخلصتهم من التكتم على أنشطتهم وقضاياهم التي كانوا يمارسونها بانعزال عن المجتمع. ليجدوا أنفسهم قريبين من الآخرين، ويتشاركون معهم في تفاصيل الحياة المختلفة، عبر انخراطهم في عدد من النوادي واللجان التي امتد عملها لسنوات طويلة، وبدأت بجني الثمار في تقليص الفجوة بين أفراد تلك الفئة وبين بقية أفراد المجتمع، واندماج الفئتين وإخراج الفئة الأولى من عزلتها.
ومن تلك اللجان كانت لجنة أصدقاء الصم والبكم في نادي السلام بالعوامية التابعة لمحافظة القطيف، التي بدأت قبل عدة سنوات بانتساب عدد قليل من الأفراد، ليصل عدد المشاركين فيها من الصم العام الماضي إلى أكثر من 90 مشاركاً.
وكذلك لجنة أصدقاء الصم والبكم بالقطيف، والتي تأسست منذ أكثر من 15 عاماً، ووصل عدد أعضائها إلى 200 عضو، حيث استطاعت دمج هذه الشريحة مع عامة الناس.
وأوضح عضو مجلس إدارة نادي السلام ومؤسس لجنة أصدقاء الصم والبكم بالعوامية محمد آل ثويمر، بأن النادي هو أول من أهتم بهذه الفئة من ذوي الإعاقات الخاصة، حيث قامت اللجنة الثقافية بنادي السلام قبل أكثر من 17 عاماً، بتخصيص يوم ضمن برامجها الرمضانية الثقافية لاندماج هذه الشريحة في المجتمع. قائلاً إننا بدأنا ببضع أفراد وتجاوزنا العام الماضي أكثر من 90 مشاركاً من فئة الصم، مؤكداً تخصيص النادي يومين لتدريب أفراد منتخب الصم والبكم بالقطيف على ملاعب النادي، مشيراً إلى عدم التردد في استضافتهم والاستمرار بذلك حتى يتم إنشاء نادٍ خاص لهم. موضحاً أن اللجنة الثقافية بالنادي تقوم بتقديم محاضرات توعوية لفئة الصم والبكم عن طريق الترجمة الفورية.
ومن جانبه، قال رئيس لجنة أصدقاء الصم والبكم بالقطيف محمد الشيخ أحمد إن: فئة الصم والبكم ظلت مهمشة ومحرومة من أبسط حقوقها الاجتماعية لسنوات عديدة، إلا أن اللجنة التي تأسست منذ أكثر من 15 عاماً، وبجهود أعضائها الواضحة استطاعت بعد توفيق الله دمج أفراد هذه الشريحة العزيزة على قلوبنا مع سائر أقرانهم من عامة الناس، وبإمكان المتابع للجنة ملاحظة ما وصل إليه أكثر من 200 عضواً من منسوبي الجمعية من مستوى ثقافي ومعرفي.
وأضاف أنه من أهم أهدافنا كسر حاجز العزلة للصم من خلال الشعور بالعطاء للمجتمع مثلهم في هذا مثل الأسوياء تماماً؛ لذلك يقومون بأنفسهم بتنظيم معارض للموهوبين، وإقامة مسابقات ثقافية ورياضية، وتبادل الزيارات مع الجمعيات في المناطق الأخرى في المملكة، من أجل تبادل الخبرات والمعرفة بينهم نحو الأفضل في سبيل جعلهم قادرين على العطاء وفاعلين في المجتمع.
وأشار رئيس مركز الصم الرياضي بالقطيف عادل آل عويشير، إلى أنهم حصلوا على الموافقة الرسمية من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب العام الماضي لإقامة مركز رياضي في المحافظة، قائلاً إنه في الماضي كنا نشعر بأن الناس لا يتقبلوننا، أما الآن وبعد أن قامت لجنة أصدقاء الصم والبكم بالعوامية بتقديم الترجمات الوصفية، أصبح لنا كيان في هذه الحياة، كما أن اللقاءات الدورية مع إخواننا الصم والبكم بمحافظة الإحساء، وإقامة المباريات الرياضية والمسابقات الثقافية، كان لها جانب كبير للترويح النفسي، وقد أصبح بإمكاننا الآن التواصل مع الصم في مناطق المملكة الأخرى، ولكننا نحتاج إلى تعاون أندية المنطقة الشرقية أكثر لاستضافة فعالياتنا وأنشطتنا الرياضية، ونتمنى إنشاء مقر خاص بالمركز بدعم من المؤسسات والشركات الخاصة في المنطقة.
أما الشاب فادي عبد الجليل من فئة الصم والبكم من محافظة القطيف، فقد قال كنا منعزلين سابقاً، ولا نختلط بفئات المجتمع، ولكننا الآن اندمجنا معهم أكثر، ولدينا علاقاتنا الشخصية سواء مع الأقارب أو الأصدقاء من فئتنا أو الفئة الأخرى، فنحن نحب ونصادق، ونغضب، ولا نختلف عن غيرنا في المشاعر والأحاسيس، والمشكلة لدينا في كيفية إيصال تلك المشاعر والأحاسيس لمن لا يجيد لغتنا، وندعو المجتمع بأن يدخل إلى عالمنا، ويقتحم حياتنا عن طريق تعلم لغة الإشارة حتى تسهل التعامل بيننا للتواصل وكسر الحاجز.
ويؤيد مترجم الإشارة الوصفية حسين الربح ما أشار له فادي قائلاً: نحن الذين يجب أن نتعلم لغة الإشارة في خطوة أعتقد أنها مهمة للتقرب من هذه الفئة، فقد بدأنا بضمهم عن طريق مهرجان الصم و البكم الثقافي الترويحي بنادي السلام بالعوامية الذي يقام سنوياً على مستوى محافظة القطيف، كما قمنا بتشجيعهم للانخراط بالمجتمع عن طريق الدمج الجزئي، وإخراجهم من العزلة التي كانوا يعيشونها في وقت سابق، فهم يملكون من العواطف والأحاسيس ما يجعلهم مدركين لما يدور حولهم، ويشعرون بالحب والكراهية وبالاهتمام واللامبالاة، بل ويتفاعلون مع ذلك، فالشخص بالطبع سيحب من يحبه، وسيكره من لا يهتم به. مؤكداً حصول بعض الطلاب من فئة الصم والبكم على شهادات تقديرية من أمير المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز، نظير تفوقهم وإبداعهم في عدد من المجالات العلمية.