حين يبلغ الرجال مرحلة عمرية معينة، تظهر على البعض منهم أعراض نفسية مشابهة لأعراض سن اليأس عند المرأة من توتر وقلق وتعب وتعكر في المزاج وعزلة اجتماعية وغيرها، ويعيد البعض هذه الأعراض لكبر السن والشعور بانتهاء مرحلة الشباب، إلا أن القليل من يعرفون أنها مرحلة سن اليأس الفعلية لدى الرجال، حيث ترتبط بنقص هرمونات ذكرية معينة تؤدي لهذه الأعراض.
يقول علي الغامدي (طالب جامعي) إن والده حين بلغ سن الخمسين بدأت تظهر عليه أعراض غريبة ككثرة القلق والخوف والعصبية، وعدم الإقبال على الحياة كالسابق، إلى جانب رغبته في الابتعاد عن الناس، والمكوث وحده لفترات طويلة، فيما أعدنا ذلك لمسألة التقاعد، ولم نكن نعلم أنها مرحلة عمرية يعاني فيها الأشخاص من هذه الأعراض إلا بعد زيارة الطبيب النفسي الذي وضح لنا ذلك.
ويقول الاستشاري النفسي الإكلينيكي الدكتور وليد الزهراني إن الأطباء يعترفون اليوم أن الرجال يصابون أيضا بأعراض سن اليأس كما تصاب النساء، وتتسم هذه المرحلة بشكل واضح بالانحسار الهرموني، لكن هذا الاضطراب الهرموني لا يتم بالطريقة المباغتة التي يجري فيها عند النساء، لافتا إلى أن المشكلة هنا أن الباحثين قد أخضعوا سن اليأس عند النساء إلى دراسات مطولة وتفصيلية طوال العشرين سنة الماضية، إلا أن الأبحاث في سن اليأس عند الرجال ما زالت محدودة.
وعن كيفية حدوث أعراض سن اليأس عند الرجال قال إن نسبة التيستوستيرون تبدأ بالانخفاض تدريجيا منذ سن الأربعين عند الرجل، وبنسبة1-2% كل عام، فيما قد لا تنطبق هذه النسبة على كافة الرجال، إلا أن 25 % من الرجال من سن 60 - 80 عاما، يعانون من أعراض نقص التيستوستيرون المتمثلة في الفتور والتعب والشعور بالخيبة، وضعف الرغبة الجنسية، وضعف القوى العضلية، وازدياد المعاناة من آلام الظهر، وتعكر المزاج، ونوبات تعرق واهتياج. وعن العلاج أوضح الدكتور الزهراني أن التشخيص والعلاج بسيطان للغاية، فلا يستدعي التشخيص أكثر من التأكد من نسبة التيستوستيرون في الدم من خلال فحص عينة من الدم عند طبيب المسالك البولية أو اخصائي أمراض الغدد، في حين يتم العلاج بتوفيره من خلال الحقن، أو الأقراص أو من خلال طرق أقل تعقيدا مثل اللصقات على الجسم، أو كيس الصفن.
ولفت إلى أنه عادة لا يتوجه الرجل بسبب الخجل إلى الطبيب ليشكو تطورات سن اليأس لديه إلا بعد ظهور بعض الأعراض غير المحتملة، مضيفا أن الكثير من المواد الأخرى تلعب دورا في تقدم العمر، حيث ثبت أن جسم الرجل يفرز بعد بلوغ الخمسين هرمون النمو (الميلاتونين) وهرمون ديهايدرو ايبي اندروستيرون بشكل أقل. إذ يجري تركيب هذه المادة بشكل سلفات ديهايدرايبياندروستيرون في قشرة الغدة الكظرية ليعاد إنتاجها بشكل تيستوستيرون أو اوستراديول، ويتسبب نقص هذه المواد في العديد من المضاعفات كازدياد عملية الهدم في العظام، وتقلص فترات النوم وضعف الجهاز المناعي عند الرجل، والأهم هو أن قدرات الإنسان المختلفة تضعف وتتغير عملية استقلاب الشحم، فترتفع نسبة الكوليسترول في الدم، وترتفع معها بالطبع مخاطر تصلب الشرايين والإصابة بجلطة القلب، ويعلق العلماء آمالا كبيرة على إمكانية تطوير أقراص هرمونية توقف هذه التغيرات عند الرجل.