مراجعون يستغلونها للواسطة وآخرون يستخدمونها في المعاكسة
تشكل البطاقات التعريفية التي يضعها بعض الموظفين على صدورهم وقت الدوام حرجا للبعض، مما يضطرهم أحيانا إلى ارتدائها بالعكس، أو كتابة الاسم باللغة الإنجليزية، وتتعرض بعض الموظفات على وجه الخصوص إلى المعاكسات، حيث عادة ما يرن هاتف المستشفى، ويطلب المتصل الموظفة المعنية بالاسم، ووصل الأمر بالبعض إلى أن يرسل وجبات عشاء لهن، وبعض المراجعين يدعون لأسرهن بالصحة، والرحمة للمتوفين، وبعضهم يطلبون المساعدة أو الفزعة.
يقول عمر (موظف بمستشفى الملك فهد) عندما باشرت أول يوم العمل بقسم الأشعة، وحسب التعليمات يجب أن تكون بطاقة التعريف واضحة للجميع، وخلال العمل أسمع أحيانا بعض المراجعين وهم ينادونني باسمي مرة وأخرى يا ولد فلان، ويطلب بعضهم التوسط لهم بإنهاء أوراقهم بسرعة، خاصة أننا من قبيلة واحدة.
ويضيف بعض المراجعين يتجاوز ويشتم ويصرخ، ويردد أنني أحابي أفراد جماعتي على الآخرين، وبالواقع هذا الأمر غير صحيح، حيث إن جميع المراجعين لديهم أرقام، ولكن قضية البحث عن الواسطة مشكلة أزلية ليس لها حل.
ويشير إلى أنه بعد أسبوع من الضغط المتواصل من قبل المراجعين غير اسمه المكتوب باللغة العربية إلى الإنجليزية، وبذلك قلت النداءات باسمه، ولكنه اكتشفت أن معظم أفراد المجتمع لا يعرفون الإنجليزية.
وتقول أمل (موظفة بمستشفى النساء والولادة بالمدينة) أعمل بالمستشفى، ولا يعرف المراجعون اسمي، لأنني لا أحب أن أصرح به، خشية أن أتعرض إلى مشاكل أو نقل صورة سيئة إلى أسرتي، مشيرة إلى أن زميلة لها تعرضت لموقف كان ثمنه إقصاءها من عملها، عندما شاهدتها سيدة قريبة لها وهي تتحدث مع زميل لها حول العمل، لتنقل هذه السيدة الأمر بصورة غير واقعية لأسرة زميلتها، حيث زعمت أنها كانت تضحك مع زميلها بالعمل، فقامت أسرتها بمنعها من العمل.
وقالت أم جلال (موظفة في مستشفى خاص) كان اسمي الموضح في بطاقة العمل المعلقة على صدري وبالا علي، وكنت سعيدة في البداية بوضع اسمي واضحا للجميع، ولكني كنت أتلقى يوميا أكثر من اتصال من رجال على هاتف سنترال المستشفى، ويطلبونني بالاسم وقد تكرر ذلك كثيرا وبصورة لافتة.
وبينت أم جلال أنها اكتشفت أن سبب تلك الاتصالات التي تطلبها بطاقة التعريف، وبعد أن أخفيت بطاقة التعريف اختفت المعاكسات، مشيرة إلى أن بطاقة العمل تعبر عن تفاني الموظف في عمله، غير أن تلك الفئة المزعجة من الرجال غيرت كثيرا من مفاهيم العمل الصحيح.
ويقول تركي الحربي (موظف حكومي) إن التعليمات تنص على كتابة الاسم واضحا وصريحا من خلال بطاقة العمل، مشيرا إلى أنه يتعرض يوميا إلى الغمز واللمز من قبل المراجعين وادعاء البعض بمحاباة البعض الآخر.
وأضاف أحيانا ما نسمع من المراجعين الدعاء للوالدين بالصحة والعافية والرحمة للمتوفين بمجرد أن يشاهد اسم والده، فيظل المراجع يدعو له حتى ينتهي من طلبه، والعكس يهدد البعض بالشكوى للمدير، والبعض يطلب منك الفزعة والنخوة بطلب تكفى يا ولد فلان افزع لي.
وتقول عفاف (ممرضة) إنها تعرضت لمواقف مضحكة ومحرجة في نفس الوقت خلال عملها، حيث كانت تعمل في فترة مسائية، تقول ذات يوم أحضر سائق توصيل طلبات لأحد المطاعم التي تقوم بخدمة التوصيل من خلال أحد المزعجين وجبة عشاء إلى كاونتر التمريض باسمي، ومع الوجبة ورقة صغيرة حملت عبارة بـالهناء والعافية سعادة الدكتورة الحلوة.
وأضافت أن المعاكس المزعج من المؤكد أنه عرف اسمها من البطاقة المعلقة برقبتها، مشيرة إلى أنها رفضت استلام تلك الوجبة.
وسردت عفاف موقفا آخر حدث لها بسبب تلك البطاقة، عندما قام رجل كبير السن بالمناداة عليها باسمها أمام المراجعين والزملاء، تقول قال الرجل إنه يعرفني يوم كنت صغيرة وألعب بالشارع، وبات يسأل عن صحة والدي كذلك، ووالدتي، وعن كافة أفراد الأسرة ولم أستطع حينها أن اطلب منه السكوت احتراما لكبر سنه.
إلى ذلك قال مدير العلاقات العامة بمستشفى الدار الخاص بالمدينة المنورة عبدالله عمر دنبر إن النظام بالمستشفى يلزم الموظفين بارتداء البطاقة التعريفية للجميع، ونقوم بالخصم على الرجال ثلاثة أيام لمن يرتدي البطاقة بالعكس، فيما نتغاضى عن الموظفات بسبب أنهن بالفعل يتعرضن إلى معاكسات من قبل المزعجين بسبب البطاقة.
وقال مدير مستشفى الدار الدكتور يوسف حسن دبور إن البطاقة التعريفية مهمة جدا للمراجعين، ومديري المستشفيات والأقسام لمعرفة جودة العمل، وحتى المراجعين لمعرفة الموظف الذي قصر في خدمتهم.
وأشار إلى أن المستشفى سجل بعض المواقف التي تعرضت لهن الموظفات بسبب بطاقات التعريف التي توضح أسمهاءهن من قبل ضعاف النفوس، مما يدل على أن بعض أفراد المجتمع ينظر نظرة دونية للفتاة العاملة بالقطاع الحكومي والخاص، مما يؤثر على الحركة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، حيث إن عمل الفتاة دعم مادي لها ولأسرتها، وفيه توفير لفرص عمل لهن بالقطاع الخاص، ويحقق لهن مزيدا من الخبرة.