أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي فى خطبة الجمعة أمس، أن الله سبحانه وتعالى منّ على هذه البلاد المباركة بنعمة الأمن والشريعة الإسلامية السمحاء المهيمنة على هذه المملكة حرسها الله، فأصبحت مضرب المثل في الأمن والاستقرار، ولا غرو في ذلك فولاة أمرها جعلوا دستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ترجع إليهما المحاكم الشرعية في أمور الناس التي يختلفون ويتنازعون فيها.
وشدد الشيخ الحذيفي على أن من أعظم النعم نعمة الأمن وتيسير الأرزاق، وقد أمر الله عز وجل بتذكر نعمة الأمن، قال تعالى واذكروا إذا أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون ، وامتن الله تبارك وتعالى بالأمن في الحرم فقال تعالى فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف .
وقال إن الأمن من كيان الإسلام ولا تظهر شعائر الدين إلا في ظل الأمن وبالأمن تأمن الطرق وتزدهر الحياة ويطيب العيش وتحقن الدماء وتحفظ الأموال وتتسع الأرزاق وتزدهر التجارات وتتبادل المنافع ويندفع شر المفسدين والمعتدين ويأمن الناس على الحرمات والحقوق ويؤخذ على يد الظالمين والمخربين ، وضد ذلك كله تنزل بالمجتمع الكوارث مع ضعف الأمن أو انعدامه لذا نزل الخوف ، ولعظم نعمة الأمن قال النبي صلى الله عليه وسلم من أصبح معافىً في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها .
ودعا الشيخ الحذيفي شباب الإسلام إلى ترك الفتنة وأهلها ومقاطعتهم، فالإصلاح بجميع أنواعه هو نهج ديننا الحنيف، ولكن الإصلاح في كل شيء منوط بولي الأمر ونوابه فيما يخص الأمور العامة، ويستشيرون في هذا علماء الشريعة فهم أعرف بما يدل عليه الكتاب والسنة وبما فيه الخير للعامة والخاصة.
وفى مكة المكرمة ، قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود الشريم، إن الأمم والمجتمعات المعاصرة تعيش أوج حضارتها حتى أكلت منها وشبعت فأصابها القي بعد التخمة، ومن المعلوم بداهة أن التخمة لا تقل شراً عن الجوع، ونحن في هذا الزمن لدينا مخزون هائل في مجال العلم والفقه والإعلام والسياسة والاقتصاد والفكر، وحياة الناس بعامة مليئة بالخطوب ونوازل المجتمعات والأمم بين مد وجزر لا يسلم منهما مجتمع ولا يكاد إلا من رحم الله .
وأضاف أن من أعظم النوازل أثرا وأخطرها تهديدا لاستقرار المجتمعات هي تلكم النوازل الفكرية والمدلهمات الثقافية والحراك السياسي، والتي اعترت المجتمعات المسلمة على حين فترة من الوفاق وقوة المرجعية ومكانة الانتماء للدين والمجتمع المتدين؛ مما سبب تعارك الثقافات والسياسات وبروز المطارحات تلو المطارحات دون زمام ولا خطام، في فوضى خصومة ثائرة ليس فيها من أطراف الخلاف إلا المدعي والمدعى عليه وحضور الخصومة، كل يدلي بدعواه ويرى أنها الحق في ظل تشويش وتهميش.
وأردف: نعم إذ في الليلة الظلماء يفتقد البدر وما هو هذا البدر إلا الحكمة، الحكمة الغائبة في ظل الخلافات، الحكمة التي تقود الركب إلى بر الأمان والنجاة من الهلكة، مشيراً إلى أن كثيراً من المهتمين تناوشوا الحكمة على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم حتى التقى في هذه المناوشة الفقيه والسياسي والاقتصادي والصحفي والإعلامي والمرجف والمخذل ونحوهم، فظلمها كثير منهم حتى أصبحت الحكمة بين الغالي فيها والجافي عنها وقل من توسط في ذلك.
وقال الشيخ الشريم ما ظن الجميع بمجتمع ترتفع فيه أصوات الحكماء، أيرونه سيعاني من تهارش بني مجتمعه أم أنهم يرونه أنه سيضل طريقه أو يكثر فيه الطلاق والغش والظلم والنزاع كلا وألف لا، داعياً إلى التوخي والحذر من الوقوع في الحكمة الزائفة المزوقة التي لا تستند إلى علم ولا إلى هدى أو منطق، وعدم الانسياق والإغراء بالعقول لتجعلنا حكاماً على كتاب ربنا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لا محكومين بهما، وأن لا تكون عقولنا قائدة وحيدة في فرز ما يصح وما لا يصح.