تابعت قناة سورية وشاهدت تكراراً مشهدا كنت أراه كل يوم في قنوات ليبيا. كانت مجموعة من الموالين للنظام واقفين في ساحة يحملون صور الرئيس والأغاني تصدح بها مكبرات الصوت في الساحة، وهم يرددون عبارات التأييد

قامت مجموعة من المتظاهرين بالتجمهر أمام مبنى سفارة المملكة العربية السعودية في دمشق ورشقها بالحجارة، ثم أعقبوا ذلك باقتحام المبنى، ولم تقم القوات السورية بالإجراءات الكفيلة لمنعهم، حيث قاموا بالعبث بمحتويات السفارة والبقاء لفترة إلى أن تدخلت قوات الأمن السورية وأخرجتهم.. حسب ما ورد في تصريح لمصدر مسؤول في وزارة الخارجية.
كلنا يعلم أن قوات الأمن السورية لا حول لها ولا قوة. فهؤلاء أشخاص قدموا للتعبير عن رأيهم من تلقاء أنفسهم. هذه الدولة ديمقراطية تسمح بالتظاهر، وتترك المتظاهرين يجوبون الشوارع بسلام. حقوق الإنسان والحرية هي أهم العناصر التي قام عليها النظام في سوريا. بناء على ذلك، فإن قمع المتظاهرين هو خط أحمر لا يستطيع أحد أن يقترب منه أو حتى أن يفكر فيه.
قيام هؤلاء الأشخاص بالعبث بمحتويات السفارة ليس الغرض منه الاطلاع على المراسلات أو سرقة الوثائق أو حتى دس وثائق مزورة تهدف لاتهام سفارة السعودية بالقيام بأعمال ضد الدولة المضيفة لهذه السفارة كما قد يتبادر لذهن بعض المرضى نفسياً، والذين لا يعرفون الأخلاقيات العالية التي يتمتع بها نظام الحكم في سوريا.
هذا النظام يمنع مؤيدي الرئيس من الخروج للتظاهر في أيام الإجازات. السبب الحقيقي لهذا المنع هو ضمان أن يقضي المواطن إجازته بين أهله وأسرته. يتجول في الريف والمتنزهات والمناطق السياحية. فإذا كانت لديه الرغبة في التظاهر لدعم نظام الحكم، فإن الدولة تعفيه من بعض ساعات العمل وتتحمل تكاليف نقله إلى موقع التظاهر سواء بسيارات النقل العام أو سيارات الحكومة لئلا تكون المظاهرة مكلفة على المواطن.
تعيش هذه الدولة تحت ضغط جماعات إرهابية تقوم بمهاجمة المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام. رغم محاولات الدولة تأمين المواطنين الخائفين من هذه العصابات, و إرسال الجيش لحماية الناس، واستخدام القوى الأمنية لضمان استمرار هذه الحماية. ودخول المخابرات الجوية على الخط لاكتشاف أعضاء هذه العصابات وجلبهم للتحقيق العادل دون تعذيب. مع ذلك، يظهر من يتهم الدولة بأنها ترتكب مجازر بحق الشعب. وأن الجيش يقتل الأفراد الذين يرفضون إطلاق النار على مواطنيهم.
طالب الرئيس بالإصلاح وقام بتغيير كثير من القوانين التي تمنع إنشاء الأحزاب. بل و بارك ظهور أحزاب تطالب بحقها في البرلمان، و خطَّط لتقديم مجموعة من العناصر الوطنية للترشح ضده في انتخابات الرئاسة القادمة. كل هذا كان أصلاً ضمن برنامج الإصلاح الطليعي الذي أعده القائد الملهم قبل الأحداث.
قرار الجامعة العربية جاء مجحفاً بحق نظام الحكم في سوريا. هذا النظام الذي قاد الممانعة العربية ضد العدو الصهيوني، رغم عدم إطلاق أي طلقة من جبهة الجولان منذ عام 1967. إلا أنه قدم النظام نسخته الطليعية الممانعة في لبنان من خلال حزب الله . حارب الحزب إسرائيل وانتصر في 1982و 2002 و 2006م. صحيح أنه لم يحرر شبراً من أرض لبنان، وصحيح أنه أودى بحياة ما يزيد على ثلاثين ألف لبناني، و صحيح أن المشلولين والمعاقين نتيجة الحروب الحاسمـة التي خاضها تجاوزوا العشرة آلاف، وصحيح أن البنية التحتية للضاحية وجنوب لبنان والمباني السكنية دمرت بالكامل، وصحيح أن من عالج هؤلاء ومن أعاد بناء ما هدمته المغامرات عفواً المقاومة هم أهل الخليج. لكن يبقى السيد هو الممانع الوحيد شامخاً منتصراً ويا جبل ما يهزك ريح. حتى وإن استخدم سلاحه لتأديب من لا يعترفون بشرعية هذا السلاح من اللبنانيين. لبنان حزب الله رد الجميل للنظام السوري بالاعتراض على قرار الجامعة العربية بتعليق العضوية.
كيف تحمل الخارجية السعودية النظام في سوريا مسؤولية غضبة الشعب السوري؟ هذا الشعب الذي تصرف بعفوية تامة. هذا الشعب الذي لا قيود على حركته وتصرفاته. عبَّر الشعب عن غضبِه فهل هذا مبرر لأن تقوم الدولة باستخدام أي وسيلة لمنع ذلك؟ إن احترام حقوق الإنسان يستدعي أن يمثل من خالفوا النظام أمام المحاكم و من ثم تستطيع الدولة أن تطبق بحقهم القانون، لأنها دولة قانون بامتياز.
هل مرَّ عليكم أقبح من هذه الأعذار؟ الغريب أن هناك من يتجرأ ويتبجح في القنوات يومياً بمثل هذه التبريرات. الكذب والخداع والضحك على الذقون بلغ حده. لا أستبعد أن تظهر وثائق ويكيليكس بعثية و لاتية ، بعد العبث بمحتويات السفارة .
السفير السوري في المملكة، وكامل أعضاء سفارته عليهم أمان الله فلن تمس كرامتهم أو مبانيهم أو أشخاصهم في هذا الوطن المسلم.
ملاحظة أخيرة، تابعت قناة سوريا وشاهـدت تكراراً مشهدا كنت أراه كل يوم في قنوات ليبيا، أيام الثورة عندمـا كان الشعب يحقق النصر تلو الآخر.
تكرر السيناريو، كانت مجموعة من الموالين للنظام واقفين في ساحة يحملون صور الرئيس والأغاني تصدح بها مكبرات الصوت في الساحة، وهم يرددون عبارات التأييد. ولا أستبعد أن يخرج عليهم الرئيس ليقـول غنوا و ارقصوا و انبسطوا كما فعل سلفه، فهل هذه بداية النهاية؟