يقول عبدالرحمن منيف: 'إن من يهدم آثاره كمن ينشر غصناً يقف عليه'. مثيرٌ ذلك الملف الذي قدمته مجلة 'الإسلام اليوم'

يقول عبدالرحمن منيف: إن من يهدم آثاره كمن ينشر غصناً يقف عليه. مثيرٌ ذلك الملف الذي قدمته مجلة الإسلام اليوم تحت عنوان الآثار وهم التقديس.. واقع التهميش والذي اعتمد على الدعوة إلى وضوح القراءة التاريخية للآثار العربية والإسلامية، ومعرفة خطورة إزالتها وإبادتها وتغييبها ومحوها، بدعوى الانحرافات العقدية لبعض فئات من المسلمين. حيث دعا معالي الشيخ عبدالوهاب أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء في المملكة إلى الاهتمام بالآثار والمحافظة عليها، سارداً ما قام به السلف الصالح من حيث التدوين والتوثيق لكل ماله علاقة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبأصحابه الكرام. فالتواتر العلمي حجة في الشريعة الإسلامية، والتواتر المحلي وثبوت الأماكن التاريخية من باب أولى، والتشكيك فيها أمر خطير شرعاً لمن يدرك حقيقة هذا النوع من الاستدلال وأهميته الشرعية، ويقول أبو سليمان: إن إزالة الأماكن التاريخية تجعل من التاريخ الإسلامي أسطورة بائدةً، وتعد محواً لتاريخ الأمة، وإضعافاً لجذوة الإيمان في نفوس الشباب. فهي شواهد تاريخية حية للتاريخ الإسلامي ولا ينبغي أن نلغي التاريخ بسبب بعض الممارسات والانحرافات العقدية وقد استعرض الملف استطلاعاً مصوراً لـ عين زبيدة كأبرز الشواهد التاريخية في بلادنا، والتي يعتقد البعض أنها تمتد من العراق إلى مكة، ولكن الملف يؤكد أنها تمتد من وادي نعمان وتنبع من ذيل جبل كرا بأرض الطائف. وقد أنشأ الملك عبدالعزيز رحمه الله إدارة خاصة لإدارة العين وعمارتها سنة 1346 وقد استمرت هذه العين تؤدي رسالتها في خدمة الحجيج لأكثر من ألف ومائتي سنة حتى استعيض عنها بمياه البحار ومحطات التحلية الضخمة، بسبب شح المياه وتدمير أغلب قنواتها. وضمن قائمة التراث العالمي يبرز في الملف موقع مدائن صالح حيث يضم أكثر من 158 موقعاً ثقافياً وطبيعياً ذا قيمة استثنائية للتراث الإنساني. والذي سينضم إلى قائمة التراث العالمي، بعد مراعاة اشتراطات اليونسكو والأسس الفنية لذلك. وقد نبه الملف إلى خطورة ما تقوم به إسرائيل من طمس للآثار العربية والإسلامية في فلسطين. مادام القوي هو الذي يكتب التاريخ، فعلم الآثار الإسرائيلي أهم مركبات الصراع التاريخي، والترسانة العلمية التي سعت إلى تهويد أرض فلسطين، من خلال فرض الرواية التوراتية على أرض الواقع وتثبيتها، من خلال المكتشفات الأثرية والبحوث العلمية التي سعت للكشف عن جذور إسرائيل التوراتية، وتهويد التاريخ وتصويره وفق الرواية التوراتية من خلال إصدارات بحثية، ومشاريع تهويدية، وقد كان لعلم الآثار الإسرائيلي الدور الكبير في تحقيق هذه الهيمنة، ومصادرة وإسكات التاريخ العربي والإسلامي في فلسطين. وكم أسعدني سعي الهيئة العامة للسياحة والآثار بوضع قانون حماية وصيانة مواقع التراث العربي والإسلامي في بلادنا، وتكوين قاعدة بيانات لها، وتنظيم المؤتمرات الدولية لحمايتها وإبراز أهميتها وقيمتها التاريخية.