على مدى ثمانية أعوام وثمانية أشهر اقترفت أميركا بحق العراق ما لم تقترفه فرنسا بحق الجزائر على مدى 132 عاما هي عمر احتلالها لها في القرن الماضي.
وبإعلان المتحدث باسم السفارة الأميركية في بغداد ديفيد رانز بدء عمليات سحب القوات الأميركية من العراق، يكون قد أستدل الستار على واحد من أقسى فصول الاحتلال في تاريخ البشرية.
في هذا اليوم وقفت عراقية تراقب الجنود الأميركان المغادرين وهي تستحضر تاريخ بلدها المفعم بالسواد. قالت لأحدهم والدموع تذرف من عينيها: قف أيها الأميركي لنسألك. فأنت تغادر أرض العراق ولا يحاسبك أحد. قف أيها الأميركي فغزوكم بدأ بكذبة وانتهى بأبشع أنواع المظالم التي انتهكت بحق الشعوب. قف أيها الأميركي فقد تناسيت خديعة أسلحة الدمار الشامل التي روجتم لها لتحتلوا أرضنا؟ قف أيها الأميركي لنذكرك بما قاله السكرتير العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان إن الغزو كان منافيا لدستور الأمم المتحدة. تغادر اليوم أيها الأميركي أرضنا متناسيا نزيف الدماء والعقول المسفوكة والمنقولة. قف أيها الأميركي لنسألك عن مليون أرملة وعن 4 ملايين يتيم. قف أيها الأميركي لنسألك عن 8 ملايين شهيد وجريح وأسير ومشرد. قف فالتاريخ العراقي يسألك عن 170 ألف قطعة أثرية نهبت من المتحف الوطني. قف يا أميركي لنسألك عن بنات العراق وعن الاغتصاب وعن 76 ألف حالة إيدز. قف لنسألك عن المجازر الجماعية وعن فضيحة أبو غريب. هكذا أنهت العراقية حديثها الباكي عما حصل في أرضها منذ عام 2003. مأساة حقيقية انتهكت فيها جميع حقوق الإنسان المتعارف عليها في لوائح واتفاقيات جنيف وغيرها من المواثيق والأعراف الدولية. تلك المكلومة هي أرض العراق تذرف دموعها جزعا على البشرية وعلى الإنسانية المسلوبة فيها فهل من مجيب؟!