حســن آل عامر
قبل عدة سنوات كان أحد الزملاء الإعلاميين المهتمين بقضايا السينما والتوثيق يحدثني بحماس عن فكرة تدورفي ذهنه، تتلخص في عمل فيلم وثائقي عن تاريخ وأسرار بعض المعالم الأثرية في جنوب المملكة، وأنه يعمل جاهدا على محاولة تنفيذها، حيث كان يريد رأيي في بعض الأمورالمتعلقة بآلية التنفيذ، وكأن من يسمعه يوقن أنه يملك كل التصاريح الرسمية بيده.
وحقيقة كدت أصدق أنه سيبدأ العمل الفعلي في المشروع بعد أيام وليس أشهرا، ولكن لم تمرأشهر فقط بل مرت سنوات ولم يحصل أي شيء! فسألته بعدها: ماذا حصل؟ وأين الحماس السابق؟ فلم يزد على كلمتين هما انس الموضوع! فمن الواضح أنه صادف صعوبات عديدة في تنفيذ الفكرة، تبدأ من التمويل المالي وليس انتهاء بالموافقات الرسمية، التي قد تأخذ طرقا بيروقراطية متعرجة في كثير من الأحيان. ومن الجانب الآخرلا بد أن نعترف أن مجتمعنا مثله مثل الكثير من المجتمعات العربية يعاني من كثرة التنظير وتزاحم الأفكار، دون المجاهدة لتطبيق أي منها على أرض الواقع (كسل).
حقيقة أحزن كثيرا عندما أجد القنوات الوثائقية الناطقة بالعربية تخلو من أي فيلم وثائقي محترف يحكي قصة أثر عظيم مثل مدائن صالح أو الأخدود أوجرش وغيرها الكثير من الآثار، التي ما زالت مجهولة للكثير من أبناء الوطن فما بالك بالأجانب، في الوقت الذي أصبحنا نعرف حتى الأكلة المفضلة لأصحاب حضارة الإنكا الذين عاشوا في أميركا الجنوبية قبل آلاف السنين، بفضل الدروس اليومية التي تقدم لنا يوميا عبرالوثائقيات العربية، وأحيانا قناتنا الثقافية التي تسد أي فراغ في البث بفيلم وثائقي مترجم من أي مكان و(حيا الله).
قد يقول قائل إن هناك أفلاما أنتجت عن بعض المعالم الأثرية في المملكة يعاد عرضها بين حين وآخر، وأقول صحيح، ولكنها بندرة وضعف وتبسيط لا يضعها في مقام التسمية فيلم وثائقي، وقد أستثني هنا السلسلة الرمضانية على خطى الرسول صلى الله عليه وسلم التي عرضت على قناة العربية إن لم تخني الذاكرة.
وأختم هنا بما ذكره أحد الأصدقاء من أن مثقفا معروفا لم يكد يصدق أن الأخدود يقع في نجران!