لاهاي: فكرية أحمد

موقف غريب يواجهه الأديب الهولندي بيتر بيوالدا منذ أيام، حيث قام مجهولون بتمزيق وإتلاف صفحات نسخ روايته الدرامية بونتا إيفينو وتعني بالعربية بونتا الجادة، وذلك في عشرات المكتبات التي تباع بها نسخ الرواية، واضطر أصحاب المكتبات للجوء إلى الشرطة للإبلاغ عن الحادث، فيما وصف الأديب ما تتعرض له روايته من حملة منظمة ومجهولة للتدمير، بأنها حملة لا تقل دراما عن الدراما التي تحتويها سطور الرواية.
وقالت المتحدثة باسم دار البطريق للنشر سارة سخوسخفر التي تولت نشر الرواية: إن ما يحدث أمر غير مسبوق في عالم النشر والمكتبات، ولا يتضح بعد الهدف من وراء إتلاف النسخ بشكل منظم ومتعمد، هل المقصود الكاتب نفسه؟، أم إن محتوى الرواية أساء أو مس البعض فقرر حرمان جمهور القراء منها؟. وأكدت أنه لا توجد حتى الآن أدنى فكرة لدى الدار أو الشرطة عمن وراء ذلك، مشيرة إلى أن الشرطة ستستخدم الكاميرات للمراقبة في المكتبات بغية التوصل إلى الفاعل أو الجناة، حيث يعتقد أنهم أكثر من شخص.
ورواية بونيتا الجادة دراما مفعمة بالمؤثرات الإنسانية، التي لا يملك معها القارئ منع نفسه من البكاء حزنا على بعض شخوصها والمواقف القاسية التي يواجهونها في حياتهم.
وتحكي الرواية قصة عائلة كبيرة ثرية يتقمص فيها الأب سيمي سيرجيوس شخصية قريبة من بطل فيلم المافيا الأب الروحي، فهو عميد لإحدى الجامعات وعالم، وأيضا بطل رياضي، غير أن حياته العملية الناجحة تمنحه غرورا مقيتا، ينعكس على أسرته، فكان أول ضحياه ابنه غير الشرعي، الذي تنكر له لأن والدته دون المستوى، فيما تتناقض ابنتاه من الزيجة الثانية، فالكبرى مدللة ومستهترة وتتسبب في الكثير من المشكلات للأسرة، والصغيرة جوني، هي فتاة جادة توجه كثيراً من الانتقادات والرفض لحياة أسرتها التعسة، التي يهيمن غرور الأب على تفاصيلها.
ويسير نسق الرواية ليمس عناصر هامة في الحياة الهولندية كالسلطة والنظام، والعنف والغيرة، والجنس والحرية، وتتمحور الرواية حول الصراع العنيف بين الأب والابن غير الشرعي، وهو صراع يصل إلى حد الحياة أو الموت، لكي يثبت الابن وجوده ونسبه في الحياة أمام الآخرين، ولا يعيش منبوذا بلا كينونة أو عائلة. كما تتناول الرواية كارثة انفجار مصنع الألعاب النارية في مدينة إينسخيدية في منتصف التسعينات، وهو الانفجار الذى خلف حوله دراما إنسانية متعددة، لمقتل وإصابة العشرات، إذ طالت هذه الدراما أيضا شخوص الرواية.
إنها قصة تستحق أن تقرأ، كما تستحق أن يُعرف من المتضرر من نشر سطورها، والساعى وراء تدميرها بالمكتبات، خاصة أنها كبيرة الحجم إذا تأتي في 544 صفحة من القطع المتوسط.
ويعد كاتب الرواية بيتر بيوالدا من أشهر أدباء هولندا على مدى عقد ونصف من الزمان، وعمل لفترة كناشر، ثم تفرغ لكتابة الروايات الرومانسية، وهو متعدد الإنتاج الأدبي بين قصص ومقالات، وتعد هذه الرواية الأكثر دراما في أعماله.