قبل 2011 كان المجتمع يتعامل بكثير من التعالي مع ما يسمعه من انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، الفيس بوك والتويتر في الإنترنت، كان الاستهزاء برواد تلك المواقع، والاعتقاد أنهم يغلب عليهم التفاهة وعدم الكياسة منتشرا في
مجتمعنا، خصوصا من أولئك الذين هم على وشك أن يودعوا مرحلة الشباب مثلي، إلا أن الثورات التي انطلقت في 2011 أحدثت هزة في المفاهيم، فقد انتقل الحاضن لفكر الثورات من الغرف السرية والخلايا الخفية إلى العالم الافتراضي، هذا
التعالي تحول إلى إحساس عميق بالجهل، عندما بدأنا نكتشف أن هناك عالما آخر يتكون في الإنترنت، كوكبا آخر وصل سكانه إلى ملياري إنسان. كرة ثلج أطلقتها العولمة لتبادل المعلومات ولتذويب الحدود، فأكلت الأخضر واليابس. لا سلطة
ثقافية أو دينية أو سياسية، السلطة فقط للكلمة، والصورة إعلام جديد ليس له أي علاقة بمفهوم الإعلام التقليدي، إعلام
اللحظة والفكرة دون أي قيود، تزايد الأرقام المنضمة لهذا العالم الجديد مفزعة، فبينما استغرق الراديو 38 سنة للوصول ل 50 مليون مستخدم والتلفزيون 13 عاما للوصول إلى العدد نفسه؛ استغرق الإنترنت 4 سنوات فقط، ولم تمض تسعة أشهر على طرح تطبيقات الآي فون إلا وكان مستخدموه مليار نسمة. هذه التقنية المتوحشة ضربت أطنابها في مجتمعنا، فقد تجاوز عدد المستخدمين للإنترنت في السعودية 11 مليون مستخدم في 2011 . هذه الملايين التي تكون مفاهيمها وأفكارها في هذا العالم الافتراضي لا تعترف بوسائل الاتصال القديمة، ولابد أن ننضم لها لكي نفهمها. العالم يتغير بمفاهيمه وعاداته بتسارع مخيف، والمعلومة أصبحت متاحة بضغطة زر. لم يعد الناس كما كانوا. في كل مكان لا أحد يرفع
رأسه، الكل في حالة تركيز مع اللاب توب أو الآي فون. بلا شك أن فوكاياما أخطأ عندما ربط نهاية التاريخ بتسيد
الرأسمالية، الإنترنت هو من أنهى كل شيء قبله، حتى التلفزيون سينتهي إن عاجلا أو آجلا، العائلة هي القروب في الفيس
بوك، والاسم هو رقم جهاز البلاك بيري، هذه آخر اكتشافاتي في هذا العالم الجديد عندما سألت جاري العشريني في مقعد الطائرة ما اسمه؟ فقال: رياض.. ثم قال بريده الإلكتروني ورقم البي بي وعنوان الفيس بوك، ولم يقل اسم عائلته، ولم يكن أمامي إلا أن أقول ونعم عائلة معروفة.