أحمد الشيخ

ثقافة الإنترنت بدأت تأخذ مداها في مخيلة الناس، وأصبح البعض يتكلم حسبما قرأه وشاهده عبر الإنترنت، وبالذات في المنتديات، وللحقيقة أن هذه المنتديات لا تمثل شيئا بالنسبة للعلوم والمعرفة التي تعتبر رافدا أساسيا لما قد يجده الإنسان من ثقافة وتأصيل معرفي يستحق منه أن يكون بموقع المرشد والمنظر. أما أن يتصدر الحديث بمنابره المختلفة إنسان وجد في مادة الإنترنت ما يضعه في مكانة مرموقة فهنا عقم التصور وشطح المفهوم لأن معلومة الإنترنت يكتبها أناس ملثمون لا تكاد تجد أي أثر لأسمائهم الحقيقية، وهذا بحد ذاته ينزع الثقة ويصادر الطمأنينة من القارئ على اعتبار أن أبسط مفهوم للثقافة وأهمها هو الإفصاح عن هوية الكاتب على اعتبار أنه يتحمل المسؤولية ويتحمل أيضا نتيجة ما كتب بسلبياته وإيجابياته. نحن نعرف أن التدثر والتواري خلف أسماء مستعارة هو نتيجة طبيعية لهشاشة التوجه وعدم نضوج المعلومة وأقلها عدم الثقة بالنفس، إذا ماذا ننتظر من هذا الكاتب وأي دور مقبول يمكن أن يترسخ قبوله عند الآخرين؟ الشفافية مطلوبة بكافة معطيات الطرح، وهي كذلك إذا أفصح الكاتب عن هويته فإنه في هذه الحال سيكون بموقع الجدارة لدى عقلاء الناس الذين يعرفون قيمة الكلمة ومستوى الاحترام الذي يمثله كاتبها. وهذه حقيقة لا تقبل اللبس أو حتى الظن، فالمجالس تعج بمثقفي الإنترنت الذين قدموا أنفسهم قدوات للمجتمع واعتبروا ذلك حقا من حقوقهم فانطلقت هذه المفاهيم على دهماء الناس الذين لم يجدوا من بد في المتابعة والإنصاح لعدم قدرتهم وتمكنهم من فرز الصالح من الكلام والمقبول من المعرفة. أرجو وأتمنى أولا من بعض مشاركي الإنترنت الذين يعتبرون أن الإنترنت قناعتهم الوحيدة في المعرفة أن يدركوا حقيقة أن ما هم عليه من ثقافة وعلم ما هو إلا علم ينقصه المتن النقي والموثوقية على اعتبار أن مثقفي الإنترنت مدعي علم ومعرفة، وكانت النتيجة أن نثروا سمومهم في قلوب وعقول المجتمع، وهذا ما يخشاه نجباء هذه الأمة ومؤسسو علومها.