الأنظمة تختفي مع الزمن لكن سيبقى الوطن لأبنائه
سمات عدة اشترك فيها ثلاثة سودانيين يقيمون بمصر لكنهم اختلفوا في واحدة كناخبين في الاستفتاء على انفصال جنوب السودان. ينحدر الثلاثة من موطن واحد وهو جنوب السودان ومن ثم يتمتعون بحق المشاركة في اتخاذ القرار بشأن مستقبل هذا الوطن. كما أن الثلاثة خرجوا من الجنوب وجاؤوا إلى مصر بعد المرور بمحطات مختلفة لم يجدوا فيها مآلا طيبا بحد وصفهم. كذلك يعيش ثلاثتهم وآلاف من بني جلدتهم في مصر بصفة مهاجر ناهيك عن ملمح أصيل وهو لون البشرة الواحد... لكنهم اختلفوا بشأن أثر النتائج المتوقعة على نطاق واسع للاستفتاء الخاص باستقلال الجنوب.
مايكل (20 سنة) الذي يدرس في مصر منذ أربع سنوات يبدي استعداده للعودة إلى جنوب السودان فور الانفصال، ويضيف بعيون شاردة وبتردد أقرب إلى التلعثم البلد سيكون في حاجة لي أنا وأمثالي من المغتربين. وقال إنه يرى في انفصال جنوب السودان عن شماله تحقيقا لحلم آبائي وأجدادي الذين راح بعضهم ضحية في الحرب الأهلية التي دامت عقودا بين الجانبين.
ويدلي أبناء جنوب السودان في مصر بأصواتهم في الاستفتاء في ثلاثة مراكز أحدها في حي المعادي الجديدة بجنوب القاهرة، بالإضافة إلى مركزين في عين شمس ومدينة نصر بشرق القاهرة وهي الأحياء التي تقول مفوضية الاستفتاء إنها تستضيف العدد الأكبر من أبناء الجنوب بمصر.
وعلى بعد أمتار قليلة من مركز استفتاء حي المعادي الجديدة تحدث عبود (25 سنة) بثقة مملوءة بالنشوة بعدما أدلى بصوته مع اقتراب المساء قائلا إن الاستفتاء والانفصال المتوقع يمثل ميلادا جديدا لي ولجنوب السودان. ويضيف عبود الذي يعمل مدرسا في مصر منذ خمس سنوات ومتزوج ولديه طفلان – إنه مر بعدة دول منها كينيا والكونغو الديموقراطية قبل أن ينتهي به الحال في القاهرة حيث تمكن من الاستقرار مع أسرته بعد رحلة معاناة طويلة وشاقة جرتها الحرب والملاحقات الأمنية. واستبعد أن يكون وراء الانفصال أسباب عقائدية أو دينية كما تذكر بعض وسائل الإعلام لأن هذا الموضوع لا يشغل أحدا في الجنوب. ونحن في الجنوب لا فرق بين مسيحي أو مسلم أو أي دين آخر. واستشهد عبود بأنه في عائلته هناك المسلم والمسيحي والجميع يلتقون دوريا بود ومحبة كبيرة.
ورغم ما يبدو من تأييد واسع للانفصال من جانب أبناء الجنوب داخل السودان وخارجه يرى البعض من أبناء الجنوب لاسيما في مصر أن الوحدة أفضل. ينتمي أموم (34 سنة) الذي يعيش بحي عين شمس بالقاهرة لعائلة انتقلت من جنوب السودان إلى الخرطوم في بداية الثمانينات قبل أن يتركها مهاجرا للقاهرة قبل أربع سنوات. ويقول أموم إن الانفصال سيخلق عداوة بين أبناء البلد الواحد لاسيما إذا تضاربت المصالح مشيرا إلى أنه شخصيا ينتمي لقبيلة الشلك الجنوبية التي جمعتها علاقات مصاهرة ومصالح مشتركة مع قبيلة السليم الشمالية منذ 400 سنة. وأضاف الحكومات والأنظمة تختفي مع الزمن لكن سيبقى الوطن وسيبقى السودان لأبنائه. وقوة السودان في وحدته.