جدة: حمد العشيوان

توقع مصدر مسؤول أن يؤدي اعتماد مشروع العقوبات البديلة إلى تخفيض عدد السجناء الشباب في المملكة إلى 40%، إضافة إلى تعزيزه لمنهج تأهيل المدانين ليصبحوا منتجين في المجتمع، بدلا من تعريضهم في السجون للتأثر بأرباب السوابق.
وقال رئيس لجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم في جدة تراحم الدكتور عبدالله مرعي بن محفوظ إن المشروع الذي رفعته الأمانة العامة للجنة تراحم في الرياض إلى النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يخضع للدراسة، إذ تراجع مسودة المشروع لرفعها إلى وزارة العدل ثم إلى المجلس الأعلى للقضاء.
وأضاف أن السجن ليس هدفا بحد ذاته، بل وسيلة للحد من الجريمة وردع مرتكبها موضحا أنه رغم ذلك، فإن هناك عقوبات مبالغا فيها جداً، تتمثل في السجن ست سنوات و2000 جلدة لسرقة جوال أو أسطوانة غاز لشاب لا يتجاوز 22 عاما من العمر.
 


كشف رئيس لجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم في جدة تراحم الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ أن الشفافية في الطرح ودقة المعلومات من الركائز التي تحاول لجنة تراحم بمحافظة جدة أن تنتهجها مع الإعلام ومع المجتمع المدني، مشيرا إلى أن ذلك الأمر يضعهم في مواقف صعبة مع الجهات الحكومية، ولكنهم يؤمنون أن الصدق منجاة ولن يتفاعل المجتمع المدني مع اللجنة إذا كان لا يعلم الوضع الداخلي بكل صدق وبإحصائيات أقرب إلى الواقع.
وأشار بن محفوظ إلى أهمية تفعيل مشروع العقوبات البديلة لأنه سيؤدي-بحسب قوله- إلى تهذيب أخلاق الشباب دون الحاجة إلى وصم سجلهم الاجتماعي بكلمة سجين سابق، وكذلك سيخفض عدد المسجونين الشباب في السعودية إلى 40%، إضافة إلى إسهامه في إصلاح عدد من المدانين ليصبحوا منتجين اجتماعياً، بدلاً من التأثر بأصحاب الجرائم وأرباب السوابق.
وأكد في حواره مع الوطن أن المشروع الذي رفعته الأمانة العامة للجنة تراحم بالرياض إلى النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الرئيس الفخري للجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يخضع للدراسة إذ تراجع مسودة المشروع لرفعها إلى وزارة العدل ثم إلى المجلس الأعلى للقضاء، لافتا إلى أن التوقيف في السجن ليس هدفا بحد ذاته، بل هو وسيلة للحد من الجريمة وردع مرتكبها، وإيصال رسالة إلى المجتمع، بأن النظام يجب أن يعم وأن أي خرق له من شأنه التأثير سلبا على حركة سير المجتمع، ومع ذلك فإن هناك عقوبـات مبالغـاً فيهـا جداً –بحسب حديثه- تتمثل بسجن ست سنوات و2000 جلدة في سرقة جوال أو أسطوانة غاز لشباب لا يتجاوز 22 من العمر.
وأشار بن محفوظ إلى أن توفير بدائل لعقوبة السجن في بعض القضايا يساعد في إصلاح المدان، ليكون منتجًا في مجتمعه، خصوصاً أن بعض الناس لو دخلوا السجون ربما يتأثرون بأصحاب الجرائم الكبيرة من أرباب السوابق، مشدداً على أن هذه البدائل قد تحمي السجين من وصمة العار، وتكفل حقه في الاندماج بالمجتمع والإصلاح.
9 آلاف سجين
وأكد بن محفوظ أن عدد السجناء في جدة، مواطنين وأجانب، لا يتجاوز 9 آلاف سجين، مستدركا أنه لا يمكن تحديد الرقم بدقة للتغيرات التي تحدث يومياً بين دخول وخروج، وموضحا أن لجنة تراحم وضعت قاعدة بيانات وقسمت السجناء إلى أقسام مختلفة، تتمثل في سجناء الحق العام والخاص، وهم الذين صدرت في حقهم أحكام بسجن ودفع الديون والغرامات النظامية وأغلبهم معسرون وغير قادرين على الوفاء بمال بعد انتهاء حكم السجن، وعددهم يتراوح بين 500 إلى 900 شخص.
أما النوع الثاني فيتمثل في سجناء الجرائم الجنائية ويتراوحون بين 700 شخص إلى 1000، وبعض الجرائم الاجتماعية مثل عقوق الوالدين والخلافات الزوجية وعددهم لا يتجاوز 7 سجناء وهؤلاء تتعامل معهم اللجنة عن طريق التوعية الدينية والنفسية.
سجن النساء
وأوضح بن محفوظ أن سجن النساء اللاتي يمثلن النوع الثالث عدد الموجودات به حوالي 200 سجينة، منهن 32 سعودية وهن اللاتي صدرت ضدهن أحكام تعزيزية مثل ضرب الخادمات أو حقوق خاصة كإعسار في دفع دين أو سرقة أو قتل أو تعاطي مخدرات، مؤكداً أن هذا النوع هو الأصعب على اللجنة من حيث الدخول لهن أو وضع برامج تدريبية أو نفسية، لأن مشكلتهن تكمن في أين سيذهبن بعد السجن؟ خصوصاً أن أغلبهن يكن منبوذات من عائلاتهن ولا يجدن الدعم الأسري المتوقع للخروج من العقوبة إلى التوبة.
في المقابل ـ وحسب رئيس تراحم جدة ـ يتراوح عدد السجناء من الشباب السعوديين من 160 إلى 180 شخصا وهم القطاع الأسهل في التعامل معهم، خصوصاً أن أعمارهم تتراوح بين 18 إلى 24 سنة وقد ينطبق عليهم حق عام أو خاص أو جنائي أو اجتماعي.
إطلاق الغارمين
وكشف رئيس تراحم جدة عن أنهم بصدد الطلب الرسمي لإدارة السجن بجدة لمعرفة عدد المساجين بسبب القروض من البنوك وتحديدا أقساط السيارات، إذ ترغب اللجنة في تحضير ملف متكامل للعمل على إطلاق سراحهم من سهم الغارمين وهو أحد الأسهم الثمانية في وعاء الزكاة التي تؤخذ من البنوك ومن وكالات السيارات لدفعها للسجناء الذين تسببت البنوك ووكالات السيارات بسجنهم، وهذا المشروع يدرس مع مجموعة من قضاة المحكمة واقتصاديين ومحامين ليرفع مشروع متكامل للجهات المختصة التي بدورها ترفعها إلى مقام وزارة الداخلية، كما أن اللجنة لديها فتوى من هيئة كبار العلماء صادرة منذ عام 1423 تجيز صرف الزكاة للجنة وكذلك الصدقات.
تعجيل المحاكمات
وأثنى بن محفوظ على دور هيئة التحقيق والادعاء العام في سرعة التحقيق وإنهاء ملف السجين لتحويله إلى المحاكمة، لكنه لفت إلى التأخير الذي كان العام الماضي والذي يعتقد أنه بسبب من المحكمة العامة ومن المحكمة الجزائية، وأضاف: قد يكون السبب في ذلك حركة التنقلات الكبيرة التي شهدتها المحاكم مؤخراً، أما التأخير الآخر والذي يحدث بين إدارة السجن والمسؤولين في إدارة لجنة تراحم داخل السجن، فيجب علينا تجاوزه بتحضير القضية من أوراق وتحقيقات للسجين قبل أسبوع من موعد المحاكمة والمساهمة في إيجاد محام متطوع.
ووعد بن محفوظ أن تجتهد اللجنة، العام الجاري، بإحداث تغيير شامل في أسلوب متابعة قضايا السجناء في المحاكم بعد أن تأسست لجنة المحامين المتطوعين برئاسة المحامي أشرف السراج، مطالباً سجن جدة بتفعيل البرنامج الذي وضعته الإدارة العامة للسجون لإدخال كافة البيانات الورقية.
واعترف رئيس تراحم جدة بأنهم تأخروا في خلق بيئة تعاون مع هيئة حقوق الإنسان بجدة وقال: اتفقنا على اجتماع موسع لبحث أوجه التعاون والتوقيع على مذكرة يكون فيها جانب مراقبة السجون ومتابعة القضايا أمام الادعاء العام والتسريع في بت القضايا أمام المحاكم المختصة.
شركاء القطاع الخاص
وأكد بن محفوظ أن اللجنة نجحت في القضاء على الشح المالي بالفكرة التي أطلقها عقب توليه المسؤولية العام الماضي والمتمثلة في إيجاد شركاء استراتيجيين من القطاع الخاص للمساهمة بشكل ثابت مع اللجنة على مدار 4 سنوات، وقال: نهدف في هذا الجانب إلى إبرام عقود مع 10 شركاء استراتيجيين بمبلغ يصل إلى 12 مليون ريال خلال السنوات الأربع بواقع مليون ومائتي ألف لكل شريك.
وأضاف: نجحنا في فترة وجيزة في الحصول على 4 شركاء، كان أولهم صالح بن علي التركي ثم مرعي مبارك بن محفوظ ثم فيصل أحمد بغلف ثم الدكتور محمد عبود العمودي ليصل دخل اللجنة في الوقت الحالي إلى 4.8 ملايين ريال، متوقعاً الاتفاق مع ستة شخصيات أخرى قريباً.