جداتنا وأجدادنا كانوا - على بساطتهم - يتمتعون بقدر كبير من الذكاء الفطري في اتقاء الحسد، واستطاعوا - ما شاء الله عليهم، واللهم لا حسد – أن يؤنثوا الذكر خاصة في وجه السائل أو السائلة فور ميلاده...!.
لم تكن عمليات التحول الجنسي قد ظهرت بعد، إذ كان الشاب المصري سيد محمد عبدالله مرسي الطالب في السنة الخامسة بكلية الطب بالأزهر أول عربي – ما شاء الله على السبق – تجرى له عملية جراحية لتغيير جنسه وبتر مظاهر رجولته وذلك في 29/ 1/ 1988، وأصبح (سيد) من يومها (البنوتة سالي)، أرأيتم كيف سبق أجدادنا أطباء اليوم وأنثوا الذكور بلا بتر أو دماء؟!، فقط كانت مشارطهم: كلمة وامتعاضة وانكسارة عين؟!. أرأيت يا امرأة اليوم كيف كان احتفاء أجدادك بالأنثى؟. أليست خطوة عظمى - بينما توأد اليومليبيا العظمى - أن يسجلوا وجودك في الحياة على أنك كائن بشري لا تصيبه العين؟!، بالتأكيد أنت أعظم من ليبيا، وإن كان أجداد أجدادك وأدوك.. فيكفي أن أحفادهم اتقوا بك الحسد!.
محروسة أنت من العين – إذن – ولهذا يتساءل آباؤك اليوم باندهاش عظيم: لماذا بعد كل هذا - أيتها المحروسة - ترتدين على أعقابك وتريدين أن تعودي إلى سيرتك الأولى: ذكراً.. يقود السيارة؟!.
ولأن التطور الطبيعي يصيبنا كبقية الأمم، كان لجداتنا وأجدادنا الأحدّ ذكاء من أجدادهم استراتيجية أخرى هي بكل تأكيد أشد حماية من عين الحسود للمولود الذكر؛ صحيح أنهم لم يؤنثوه كما فعل أجدادهم، ولكن لم يسمع أحد أيضاً عن إصابة ذيبأو ضبع أو جحش أو جربوع بعين الحسود...!.
أبعد كل هذا يتهم البعض تراثنا بأن فيه ما يردنا إلى العصور المظلمة؟!.
المشكلة الحقيقية أننا لا نعرف كيف نستفيد من ماضينا، من تراثنا المليء بالحكم والمواعظ والعبر، وأخص هنا الكثيرين من أهل الرياض، أولئك الذين يضجون بالشكوى ويبدون دهشتهما العظمى أيضاً من الانقطاع المتكرر للمياه عن أحيائهم؛ إذ لا يبرر النبأ العظيم بأن المملكة الآن هي الأولى عالمياً في إنتاج المياه المحلاة مثل هذه الدهشة!، وأخصهم هنا أيضاً لأنهم - وهم أبناء العاصمة أو على الأقل يعيشون فيها - لم يفهموا ولم يقدروا الجهود العظمى للمسؤولين عن انقطاع المياه، تلك الجهود التي حجبت عنهم بهذا الجفاف أحقاد وعيون وأقلام الذين نادوا كثيراً بالمساواة بين المراكز والأطراف!.