من الجيد أن تنبه القائمون على سوق عكاظ إلى أهمية التعامل مع وسائل الإعلام الجديد، فصار لـالسوق حسابات على الـفيس بوك ويوتيوب وتويتر.. فالشباب الذين يشكلون نسبة عالية من المجتمع يتعاملون بصورة متواصلة مع تلك المواقع.. ومن حسن حظ المثقفين المشاركين في الفعاليات أن إحياء السوق جاء في عصر التقنيات الحديثة، بحيث يستطيع كل مهتم به أن يتابع أخباره من أي مكان في الكرة الأرضية. ولو توفرت هذه الميزة للنابغة والخنساء وحسان وغيرهم من مشاهير الأدب وغير المشاهير لكان هناك حديث آخر عن تاريخ العرب الإبداعي، إذ إن كثيرا مما كان يجري في سوق عكاظ ضاع لعدم تدوينه، أو لعدم أهمية صاحبه آنذاك، واعتماد الرواية الشفاهية للأحداث، وربما بالغ الرواة وأضافوا من عندهم لإيجاد عنصر التشويق.. كما في حكاية الخنساء وحسان، التي تحولت إلى ما يشبه القصة الأسطورية لما فيها من حديث في فنون البلاغة والشعر.
سوق عكاظ الذي يعيش هذا العام دورته الخامسة في العصر الحديث، يمثل نافذة ثقافية هامة جدا، فالمشاركة العربية تزداد اتساعا، وهذا تؤكده الأسماء المشاركة في الفعاليات وفي المسابقة.. والمطلوب أن يكون التنظيم على مستوى هذا التوسع بحيث تشمل المشاركات مختلف ألوان الطيف الثقافي محليا وعربيا، ويكون السوق معاصرا لا نمطيا، يستقطب الزوار من أجل إثراء ثقافاتهم ومعارفهم.
وهؤلاء الزوار يفترض بهم أن يكونوا على مستوى حدث ثقافي كبير بهذا الحجم، فمن خلال متابعة التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الموسمين الماضيين عرفت أن بعضهم يذهب لـسوق عكاظ مصطحبا أطفاله الصغار جدا وكأن المكان للنزهة، وبعضهم تشهد الساحات الخارجية على حضوره، أما الفعاليات فلا علاقة له بها.. والبعض شكلوا شللا خاصة بهم.... وبرغم ما سبق يبقى السوق حدثا ثقافيا كبيرا بامتياز. فـ12 ندوة نقدية وأمسية شعرية، وعروض مسرحية، ومهرجان للكتّاب، وغيرها من فعاليات مرافقة تشير إلى ذلك.. ونخشى أن يقع المنظمون في الإشكالية التي وقع بها غيرهم في مهرجانات مماثلة بتكرار أسماء الضيوف سنويا، لأن عددا من المدعوين هذا العام شاركوا السنة الماضية.. ونطرح هذه النقطة ليس تقليلا من أهمية الضيوف بقدر ما هي دعوة للتنوع واستضافة أسماء جديدة تثري المشهد الثقافي، فذلك من أسباب إعادة إحياء سوق عكاظ في مكانه التاريخي بالطائف، بأسلوب حديث يتداخل مع التراث، وينطلق عبر الإعلام الجديد إلى جانب التقليدي للوصول إلى المتلقي حيثما كان.