أحببت المتنبي، في زمن الطفولة، حين تابعنا الممثل اللبناني القدير عبدالمجيد مجذوب يجسد شخصيته في مسلسل قديم بالسبعينيات الميلادية
أحببت المتنبي، في زمن الطفولة، حين تابعنا الممثل اللبناني القدير عبدالمجيد مجذوب يجسد شخصيته في مسلسل قديم بالسبعينيات الميلادية، أيام عز الدراما اللبنانية حين كانت شامخة بأسماء مثل رشيد علامة وهند أبي اللمع، ومحمود سعيد، وإحسان صادق، ومن على شاكلتهم من نجوم.
إلى اليوم رغم تبدل الوعي ما زالت – عندي – صورة المتنبي ملتبسة بشخصية مجذوب.
في سوق عكاظ ، تستشرف شيئا جميلا يعزز قيمة الانتماء والاعتزاز بالهوية في ظل عصر تذهب فيه جل الدراسات إلى أن العولمة تمثل في أحد أشد وجوهها ضراوة تمثل ما يمكن تسميته تهديدا للهوية، أو على الأقل تثير مشاعر سلبية حيالها. بعيدا عن تعقيدات العولمة وتشابكاتها، كنت أريد القول إن سوق عكاظ، مع كل ما يوقظه من مكامن الاعتداد بالهوية، ويمثل مراجعة وتذكيرا قويا بأن هذه الأمة كانت معنية بالفن والحياة والجمال وكل مفردات التحضر، يوقد فينا دائما الحلم بأن تتراكم تجاربه عاما بعد عام، وعلى نحو ما قال الدكتور عبدالإله باناجة في مؤتمره الصحفي قبل فترة. هذا التطور نروم أن نرى فيه – مثلا – سباقا موسيقيا راقيا يسهم في الارتقاء بالذائقة العامة، كأن تدرج ضمن جوائز السوق الثماني مسابقة موسيقية مخصصة لأفضل لحن لقصيدة أو مقاطع من قصيدة من المعلقات، لحن يعيدنا لرائعة طلال التي تتغنى بها الأجيال (تعلق قلبي) المنسوبة لامرئ القيس، أحد أيقونات العصر الذي ازدهرت فيه سوق عكاظ.
أما على مستوى المسرح فأظن أن أي حضور للنجوم الجماهيريين تلفزيونيا كفيل بأن يعطي السوق بعدا أكثر اهتماما، كأن نتخيل راشد الشمراني – مثلا – يؤدي دور الأعشى، أو ناصر القصبي في دور لبيد، أو محمد بخش في دور ابن أبي سلمى، هكذا أظن أنه يمكن أن نضفي مزيدا من الألق للسوق.
نعرف جيدا أن مصر – مثلا – وفي مناسبات كبرى كالليلة المحمدية، كان يرتقي خشبات مسرحها عمالقة من عينة سميحة أيوب وعبدالوارث عسر ومحمود ياسين ونور الشريف وغيرهم من نجوم شاشات، يلعبون أدوارا تاريخية تؤكد أن الفنون تتآزر وتتجاور، وتؤكد أن الفنان الحقيقي معني بالثقافة، حتى وإن غمرته أضواء خارج المسرح. فالمسرح يبقى عند الأمم المتحضرة (أبو الفنون).
في سوق عكاظ استشراف لأن تحضر كل الفنون، وتطلع بأن يكون السوق مهرجانا حقيقيا يكتظ بالعمق والترفيه والأحلام عالية السقوف.