كثيراً ما تغنى الأديب الكبير الشاعر أحمد بن إبراهيم مطاعن بأبها، وغداً تكرمه أبها ممثلة في ناديها الأدبي الذي كسر جمود القاعدة العربية الشهيرة، تلك التي رسّخت في الأذهان لعقود طويلة أن الأدباء الراحلين فقط هم من يستحقون التكريم، واستطاع بوعي القائمين عليه، وبرقيهم الأخلاقي والعلمي والإنساني، وعلى رأسهم رئيس النادي الأستاذ أنور خليل أن يسجل لفتة أخرى من لفتات هذا النادي المحترم نحو رموز المنطقة التي يرعاها ثقافياً وأدبياً.
قبل ذلك كرم النادي رمزاً آخر من رموز الثقافة والأدب في أبها وهو الشاعر أحمد عسيري، ومن قبله كرم النادي أيضاً بعض الرواد الذين خدموا العمل الثقافي في أبها.
وهكذا – برأيي - يعتدل الميزان، وتستقيم الصورة، فإذا كان جميلاً أن نحتفي بالأماكن، فجميل أيضاً أن تحتفي الأماكن بأبنائها، جميل أن يشعر الإنسان بأن المكان الذي انتمى إليه ولو لفترة زمنية محدودة يبادله المودة والعطاء...، وإذا كان الأمر كذلك، فما بالنا وقد أفنى الشيخ أحمد مطاعن عمره كله في حب أبها منذ ميلاده في العام 1927!.
جدير هو - إذن - باحتفاء يليق وهو يقترب من عامه التسعين – متعه الله بالصحة وأمد في عمره – لما قدمه خلال حياته العملية الحافلة بالحب والعطاء، تلك الحياة التي بدأها بـمحرر شرطة أبها عام 1372, وانتهت برئاسة بلدية أبها 1405، وخلال هذه المدة قدم الكثير والكثير من خلال العمل العام التطوعي أيضاً؛ إذ كان نائباً لرئيس نادي أبها الأدبي لما يزيد على خمسة عشر عاماً, وعضواً بلجنة أصدقاء المرضى, وعضواً بمجلس إدارة مصلحة المياه والصرف, ومجلس منطقة عسير, ولجنة التنشيط السياحي.
وغداً سيقف – كما أعتقد - الأستاذ علي الحسن الحفظي والدكتور عبدالله محمد الحميِّد المشاركان في هذه الاحتفالية ومعهما مديرها الأستاذ إبراهيم أحمد مسفر الألمعي على سيرة الرجل وعطاءاته اللامحدودة للمدينة التي عشقها، وأعتقد أن المشاركين والحضور سيتطرقون إلى العديد من الجوانب المضيئة في حياة الرجل– وما أكثرها -، لعل الأبناء والأحفاد- الذين آمل أن تمتلئ بهم قاعة الاحتفال بالنادي بعد عشاء الغد - تتعلم من أجدادها كيف يكون الكفاح والعطاء، وما المعنى الحقيقي للانتماء، وما قيمة الإنسان إن جاء إلى هذه الدنيا ثم غادرها دون أن يمهد ولو خطوة واحدة في طريق القادمين إليها!.