حكت لي صديقة تعمل معلمة أنه بينما كانت مديرة المدرسة تودع لجنة المدارس المعززة للصحة التي بشرتها بفوز مدرستها بالدرع الذهبية، كانت إحدى المعلمات تتلقى ضربة من الدور الثاني عبارة عن فردة حذاء ـ أكرمكم الله ـ مرقت بسرعة لتقع على رأس المعلمة، للعلم تم القبض على الطالبة في فترة وجيزة لأن إيجاد طالبة بفردة حذاء واحدة لا يحتاج لشارلوك هولمز.
صديقتي استشهدت بهذه القصة على اهتمام الإدارة ببرنامج المدارس المعززة للصحة وعدم اهتمامها بالأخلاق، رغم أن الهدف الأهم في سياسة التعليم هو: تحقيق الخلق القرآني في المسلم، والتأكيد على الضوابط الخلقية لاستعمال المعرفة.
لا أعلم إن كانت وزارة التربية والتعليم تتابع تحقق هذا الهدف عبر مؤشرات معينة أم لا؟ لكن الواقع يمنحنا وبلا مقابل مؤشرات قوية تخبرك وبصراحة شديدة أين أنت وهذا الهدف؟
قد يتساءل أحدهم عن دور الأسرة في حماية الأخلاق، والحق أن الأسرة تتكون في البدء من أم وأب كانا طالبين في مدارسنا، وأنت لم تعدهم جيداً لإنشاء أسرة لذا شاركا مع الوزارة في إنشاء الطالب / المخرج، الذي يحرق سيارة معلمه والذي يشتم ويكفر الناس أو يصير إرهابياً مثلاً.
ومع أن الطلاب الذين سيصيرون آباء يحظون بتعليم جيد في الدول المتقدمة، إلا أنها لا تترك لهم فقط مهمة زرع القيم الأخلاقية والتي يؤكد علماء التربية أن الطفل يكتسبها في مرحلة رياض الأطفال، التي أهملت في بلادنا عبر السنوات الماضية، وإن كانت الوزارة بدأت تعي أهميتها وتظهر الكثير من الوعود بتحسينها من خلال تصريحات المسؤولين.
منذ الرئاسة العامة لتعليم البنات، هناك بند في الميزانية لرياض الأطفال كان كفيلا بأن يحظى كل طفل سعودي بروضته وبالمجان، لكن كان يتم ترحيل هذه المبالغ لبنود أخرى، ويكبر الكثير من الأطفال دون أن تؤدي الوزارة دورها الكبير في زرع القيم والأخلاق لديهم في تلك المرحلة ثم تعمل على رعايتها في المراحل الأخرى، والمتفحص لتلك المراحل يجد أن الأخلاق أو السلوكيات مغيبة في المنهج الدراسي، بل إن معرفة الطالب بزكاة الإبل، أهم لدى معدي هذه المناهج، من أن تقدم له سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، من منظور سلوكي، يتعلم فيه كيف كان يتصرف صلى الله عليه وسلم في المواقف ومنها كيف يتعامل مع الناس على اختلاف أعمارهم وبيئاتهم وأديانهم..إلخ
لاشك أنها لو صنفت ورتبت وقسمت على المراحل الدراسية لكانت كافية في إحداث فرق في حياة هؤلاء الشباب وسلوكياتهم.