لا يمكن لمن تابع أحداث افتتاح كأس العالم أمس إلا أن ينبهر بما حمله من رسائل ثقافية، ومن رموز إنسانية جميلة وخلاقة.
الكلمات والأشعار التي ألقيت، والرقصات التي أديت، والأغنيات التي عزفت كانت تدور حول أفكار كبيرة تجمعها الأخوّة في الإنسانية، وهي أخوّة ترفض من قبل بعض المتشددين في كل الحضارات والثقافات، لكنها أخوّة موجودة. العالم بأكمله راقب ذلك الاحتفال والعالم بأكمله سيتابع مجريات البطولة، رأينا في الاحتفال فكرة الشراكة واضحة وضوح الشمس.
ميزة هذه البطولة أنها لكل العالم، وهي ديموقراطية ولا تقوم على المخططات الغربية والماسونية. بل هي لعبة يمكن أن تفوز فيها أي دولة في العالم. من دون مؤامرات أو مظاهرات. وأحسب لو أنّ هدف اللاعب الفرنسي تيري هنري الذي سجّله بيده -والذي كان مهماً لتأهل فرنسا لكأس العالم -أحسب لو أنه سجّل على منتخب عربي فإن القيامة ستقوم، وأن مؤلفات من ألف صفحة ستنزل على الأرصفة تبيّن قصة مؤامرة هدف هنري. سيكون حينها ذلك اليوم مناحة، وسيعتبر اللوبي الصهيوني والمؤسسات السرّية العالمية من أبرز المسؤولين عن هدف هنري باليد والذي احتسب، كما احتسب من قبله هدف مارادونا باليد والذي كان حديث العالم.
إن حسّ الاشتراك في هذه اللعبة بين شعوب الأرض هو أجمل ما تقدمه. وفي الاحتفال حينما كانت شاكيرا تؤدي وصلتها الغنائية ولوحات الرقص على طريقتها الخاصّة كانت تخاطب الجميع. تخاطب كل البشر من دون تفرقة أو طبقيّة.
العجيب أن هذا الاحتفال المدهش في دولة من دول إفريقيا. دولة جنوب إفريقيا استطاعت أن تؤسس لبنية تحتية كبيرة لاستقبال كتائب المشاركين في كل المجالات. استطاع الأفارقة أن يبدعوا... أن يخرجوا من تيه الماضي إلى رحابة المستقبل. منتخب جنوب إفريقيا هو الآخر استطاع أن يجتاز الصعوبات ويصل إلى كأس العالم. غير أن المنتخبات العربية لم تنجح وأخفقت كما أخفقت ثقافتها، لا يتأهل من منتخبات العرب إلا منتخب واحد كل عقد أو عقدين. بينما الوعود تخرج من أفواه كل المسؤولين الرياضيين بكل قطعية وادعاء وثقة. وكل كأس عالم وأنتم بخير.