جامعة الملك عبدالعزيز تسمح لنا مشكورة بالاستفادة من مكتبة الأولاد يوم الخميس، وذات صباح خميسي وجدت فتاة شقراء تحاول التفاهم مع أمينات المكتبة اللواتي ظن بعضهن أنها لا تعرف العربية، فتساءلن بينهن عن إلقائها السلام، وهل هي مسلمة؟ فردت بهدوء: أنا مسيحية، هل هناك ما يمنع أن ألقي عليكن السلام؟ ثم عرفت نفسها بأنها قادمة من بلدها ألمانيا لتجمع البيانات والمعلومات لبحثها الذي يتحدث عن المرأة السعودية وتعليمها، وأنها كلما قامت بالبحث في مكتبة البنات صدها الجهاز بإخبارها أن النسخ متوافرة فقط في مكتبة الأولاد.
في الحقيقة، إن هذه الباحثة الألمانية ألقت علينا محاضرة في وجوب أن تتساوى المرأة والرجل في بلادنا في توفير مصادر المعلومات، وأن ذلك نوع من التمييزالعنصري تجاه المرأة. وقد أفهمتها إحدى الأمينات بهدوء - بعد أن تركتها تكمل كلامها- أن المسألة ليست مقصودة، بل هو مجرد خطأ تنظيمي فحسب، حيث تصل النسخ للشطرين البنات والأولاد، لكن في بعض الأحيان يحدث فقدان لنسخ البنات، لكنها لم تقتنع وأبدت امتعاضها، ثم انصرفت لجمع بياناتها.
أقول: إن هذا الخطأ التنظيمي ربما جعلها تكتب في بحثها أن السعوديين يميزون بين المرأة والرجل حتى في نسخ الكتب، مما يقوي الادعاء القائل إن السعوديين يضطهدون المرأة وبالتالي الإسلام بوصف القرآن هو دستور هذه البلاد، في الواقع أن هناك عشرات الأخطاء التنظيمية التي تؤدي إلى ظلمها بطريقة أو بأخرى دون نية مسبقة باضطهادها أو تمييزها عنصرياً، وبعض هذه الأخطاء لايعرف عنها إلا من وقع ضحية لها، فماذا تعني مطالبتنا بوجود معرف في نفس الوقت الذي يوجد معي بطاقة صادرة من الأحوال المدنية فيها صورتي، ولماذا تطالب إمرأة تعاني من السرطان بموافقة ولي أمرها على جراحة، وكيف تطلق امرأة وتخرج من بطاقة زوجها العائلية دون ان تبلغ بأنها أصبحت مطلقة، وكيف تمنح المعلمات راتبا أقل بأكثر من ألفين ريال عن راتب زميلهن المعلم المعين هو وهن في نفس الشهر واليوم واللحظة، إن هذه الأخطاء يجب تتبعها وإصلاحها لرفع الظلم عن المرأة من جهة، ومن جهة أخرى هي تسئ لصورة المملكة خارجها وتعد حجة قوية لاتهام المملكة والإسلام بظلم المرأة وقد يقول قائل وماهمنا بما يظنونه فينا أو يقولونه عنا، لكن نحن لا نعيش بمعزل عن هذا العالم، وتلك الأخطاء لا يجب أن يتحملها وطننا ومكانته كدولة تنتهج شرع الله في التعامل مع المرأة.