جميل أن ينتعش الفن المسرحي في مثل هذا التوقيت من كل عام؛ إذ تشهد معظم مناطق المملكة عروضاً مسرحية متنوعة ضمن فعاليات العيد الثقافية والترفيهية، ونرجو أن يشهد هذا العام عروضاً جادة تؤكد أهمية هذا الفن.
والحقيقة أن قلة العروض المسرحية طوال العام تجعلنا نتمنى لو كانت كل أيامنا أعياداً، شريطة أن يؤدي المسرح رسالته الحقيقية لا أن يتحول إلى مجرد نوع جديد من (الفصفص) أو (الحمص) أو (الثرثرات النسائية) أو اللهو الذي لا طائل من ورائه!.
صحيح أن إدخال البهجة والمرح على النفوس من بين أهداف المسرح، إلاّ أنه كرسالة إنسانية يهدف أيضاً إلى مناقشة الواقع والتطرق إلى السلبيات التي يعاني منها المجتمع، ومحاولة إيجاد حلول لها، وكل ذلك في أجواء كوميدية أحياناً وتراجيدية أحياناً أخرى، والمهم أن تصل الرسالة.
فالمسرح الذي يحتل مرتبة مهمة في الحياة اليومية للعالم المتقدم، يقدم أحياناً ما لا تقدمه البرامج التربوية، ويحقق من الأمن المجتمعي ما لا تحققه الوسائل الأخرى، ويعد بحق إحدى أهم وسائل الارتقاء الأخلاقي والنفسي في المجتمع.
المسرح فوق ذلك، يضع يده على مشكلات تعوق المجتمع، وتؤخر حركته التنموية، ويضع بعض المقترحات التي يمكن أن تسهم إسهاماً حقيقياً مع المسؤولين في إيجاد حلول لها، أو تلافي بعض المشكلات التي لم تقع بعد، فيصبح المسرح بذلك فعلاً وقائياً، لا كما يراه بعض الذين يعيشون خارج أسوار الحياة مجرد لهو ولعب، فيحرمونه أحياناً، وأحياناً يقضون عليه بتحويله إلى مجرد مخازن للكتب أو الطاولات والكراسي في بعض المدارس!
وإذا كان بعض المتخصصين يرون في المسرح داعماً علمياً كبيراً، مثله مثل الجامعة، مؤكدين دوره في تنمية الوعي وترسيخ الهوية، فإن الدعوة إلى بناء العديد من المسارح ودعم المؤلف المسرحي بما يحقق ازدهاراً حقيقياً لهذا الفن لا يصح أن تكون مجرد دعوة عابرة لا يعيرها المسؤولون الاهتمام الواجب، فتظل مدارسنا بلا مسرح، وأنديتنا الأدبية بلا مسرح، ونظل ننتظر العيد حتى نجد ما يشبه المسرح!.
إن تعزيز مكانة المسرح في المجتمع، لا تتأتى بلا فعل على أرض الواقع، وبلا إرادة تؤمن بأهمية المسرح في بناء الشخصية، وبناء المجتمع، وبدوره في إعداد أجيال واعية تحمل شعلة التنوير إلى مستقبل أفضل.
رحم الله يوسف وهبي وهو القائل: ما الدنيا إلاّ مسرح كبير!.