بيروت: ياسر باعامر

يأتي كتاب أوضاع العالم 2010، الصادر عن مؤسسة الفكر العربي ضمن مشروعها عن الترجمة ليشخّص أوضاع العالم في عام 2009 عبر50 مقالة نقديّة تبحث في أبرز المتغيّرات السياسيّة والاقتصاديّة والدبلوماسيّة والتكنولوجية والبيئيّة البارزة.
واحتوى الكتاب الذي صدر في 511 صفحة على خمسة محاور (علاقات دوليّة جديدة، مسائل اقتصاديّة واجتماعيّة، مجتمعات وتنمية بشريّة، بيئة وتكنولوجيات حديثة، رهانات إقليميّة)، خاض فيها عدد من الباحثين المتخصّصين في العالم.
وتحرص نسخة عام 2010، وكما جاء في تمهيد الكتاب، على فكّ رموز أزمة النظام الاقتصادي والمالي، وكذلك تحليل الدروب الجديدة التي سلكتها القوى العظمى (الولايات المتّحدة والصين وروسيا) على المستوى الدبلوماسي كما على مستوى النفوذ الاقتصادي والسياسي.
وتعيد عدّة مقالات النظر في مسائل التباينات والجوع والهجرة بعد مرور عشرة أعوام على أهداف الألفية التي طرحتها منظّمة الأمم المتّحدة للحدّ من الفقر. وتعالج مقالات إقليميّة آخر التطوّرات في الشرق الأوسط وبؤر التوترات الآسيويّة (الهند، أفغانستان،وباكستان)، والأزمات السائدة في جمهوريّة الكونغو الديموقراطيّة ودارفور، وحتى كوسوفو بعد مرور عشرة أعوام.
أما المقدمة التي حملت عنوان أزمة في العولمة، فأطلّ من خلالها كاتبها الفرنسي، أستاذ العلوم السياسيّة في معهد العلوم السياسية للعلاقات الدولية في معهد الدراسات السياسية في باريس، وأحد المشرفين الأساسيّين على الكتاب برتران بادي إطلالة بانورامية على الوضع العالمي، طارحاً أسئلة تصبّ في عمق التغيّرات العالمية الراهنة، لاسيما بعد أن تحوّلت الأزمة الماليّة العالميّة إلى أزمة اقتصاديّة شاملة، من أبرز دلالاتها أننا خرجنا من عالم السيادة لندخل عالماً مترابطاً يخطئ فيه كلّ من يظنّ أنه قادر على الإفلات من الآثار المترتبة عن مآزق الجار التي تهزّ الاستقرار وتنقل العدوى.
إنه عالم تسوده حالة الريبة حول دور الدولة في حلّ الأزمة، ويقود إلى اكتشاف تجريبي لقوّة الترابطات. إذ إن كلّ خطة بحسب برتران بادي تثير آثاراً خارجية متسلسلة، فتقود، من بين ما تقود إليه مثلاً، الولايات المتّحدة إلى مدارات الصين وهكذا دواليك. فأزمة اليوم، التي وصفها بـ الأزمة الأولى لعولمة محقّقة، تختلف عن أزمة السبعينيّات حين كان العالم خاضعاً للثنائيّة القطبيّة؛ فأزمة اليوم تضرب عالماً لا يفلت منه أحد، بعد أن تحقّقت العولمة بحدودها الاقتصاديّة لكن بعرقلتها للموقع السياسي الذي يعيد مهمة ضبط الأمور.
المقالة الطويلة لبرتران بادي والتي تصدّرت مجموعة المقالات والأبحاث والدراسات التي ضمّها الكتاب، بدت كمدخل ذي إطلالة بانوراميّة، الغاية منها دعم التوجّه المألوف لكتاب أوضاع العالم نحو تزويد القارئ، من مختلف بلدان العالم، بأدوات فكريّة ومعرفيّة وإحصائيّة من شأنها مساعدته على إثارة أسئلة جديدة وإنتاج رؤى وأفكار مختلفة.
وكان كتاب أوضاع العالم 2008 قد ضمّ مجموعة متنوّعة من الأرقام والجداول والمعطيات لدول العالم كافة حول ما حقّقته هذه الدول من معدلات تنموية في المجالات البشرية، والثقافية، والتعليمية، والاقتصادية، والتجارية. فاحتوى الكتاب على مجموعة دراسات وأبحاث متعمّقة بأقلام عدد من المتخصّصين حول أهم قضايا وظواهر عام 2007، كما تضمّن عدداً من الموضوعات الهامة شملت النظام الدولي، والبنك الدولي، والطموح الروسي، والمناخ، والتصحّر، والمخدرات، واليورو، والعصر الرقمي، والبيئة، والقوى الناشئة، والقوة الاقتصادية الصينية، والصحة والبيئة، فضلاً عن المعطيات والجداول التي واكبت المعدلات التنموية في دول العالم كافة لعام 2007.
في حين غطّى أوضاع العالم 2009 بمعطياته وجداوله المعدلات التنموية لعام 2008 وأحياناً لسنوات عشر خلت، وذلك بضمّه خمسة عناوين شخّصت أوضاع العالم عبر 52 مقالة نقدية هي على التوالي: علاقات دولية جديدة، مسائل اقتصادية واجتماعية، مجتمعات وتنمية بشرية، بيئة وتكنولوجيا حديثة، رهانات إقليمية، وبمشاركة أكثر من ثلاثين باحثاً وباحثة في مختلف المجالات المعرفية.