وللأسف الشديد فإن المعلومات والحقائق المؤسفة عن مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون لم ترد في تسريب صحفي.

وللأسف الشديد فإن المعلومات والحقائق المؤسفة عن مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون لم ترد في تسريب صحفي، بل مكتوبة في تقارير ديوان المراقبة العامة. أصبح الديوان يرصد تفرغ بعض أجهزة المستشفى لتعليم فنون الرقص في الوقت الذي يبلغ فيه مرضى الانتظار 52 ألف مريض في شهرين وفي الفترة التي يتفرغ فيها بعض أطبائه لعلاج سبعة مرضى فقط طوال شهر كامل. هذه المهازل لابد أن تطيح برؤوس: إما رؤوس الذين كتبوا تقرير ديوان المراقبة العامة، وإما رؤوس كامل الجهاز التنفيذي في إدارة هذا المستشفى. نحن أمام حالة استثنائية من فنون الرقص السافر على عيون شعب. كتبت هنا قبل ما يقرب من عامين، وبالبراهين والأدلة، عن وكر الفساد الإداري الذي صادر كل آلاف الملايين التي صرفناها من المال العام على هذا المشفى المتخصص، عن المحاباة المكشوفة في اختيار الأطباء المرشحين إلى برنامج زمالة تخصص العيون وإلى تحويل هذا البرنامج إلى شركة عائلية خاصة تحارب المتميزين، لأن الأفضلية للون العيون وفصيلة الدم. كتبت عن برنامج الزمالة الذي لا يقبل إلا بعدد الأصابع رغم الإمكانات – المليارية – ولهذا بان بالأمس السبب: 52 ألفا في قائمة الانتظار بينما الطبيب الواحد يفحص سبعة مرضى في الشهر (أي أنه يعمل في المعدل ساعة عيادية واحدة كل أربعة أيام) وهذا ليس من عندي بل من تقرير ديوان المراقبة العامة.
ويؤسفني جداً جداً أننا نشاهد هلال الفساد مثل القمر في منتصف الشهر ثم نتفرج عليه: إما أن نعاقب ديوان المراقبة على خطأ التقرير، وإما أن نطلب من كل الجهاز الإداري بفرقة الرقص السافر أن يستأذنوا بالانصراف.
إما أننا شركاء في محاباة كراسي الفساد، وإما أن هذا – الكارتيل – الذي جثم في مكانه كل هذه السنين أقوى من هراوة التفكيك. وبالوثائق، لا يوجد إذلال لطوابير المرضى من أبناء هذا الوطن في مشفى بمثل ما يكون في هذا المستشفى الذي استأثر بكل الإمكانات وحصل على كل ما يريد. لا يمكن أن نصرف من أجله كل هذه الملايين ثم نكتشف أن الطبيب يعالج سبعة في الشهر وأن قوائم الانتظار من كل أرجاء الوطن تساوي حمولة 300 طائرة. لا يمكن للضمير أن يسكت فيما هم مشغولون بالرقص.