علي عبدالله الحميدان - الظهران

الحديث في معظم دواوين ومجالس وصوالين العاصمة الحبيبة الرياض وبقية مدن المملكة لا يكاد ينقطع! فسكان العاصمة وخاصة المضطرين منهم اضطرارا لا رجعة فيه للبقاء والسكن فيها، ولكن الزحام الرهيب الذي أقض مضاجعهم، وحول حياتهم الهانئة في العاصمة التي كانت حالمة إلى كابوس مرعب مزعج وقد ضاقت على العاملين في كافة القطاعات الخدمية من صحة، وطرق، وخدمات بلدية ضاقت بهم السبل وأعيتهم كافة الحيل من أجل الوصول بالخدمات للحد الأدنى الذي يمكن لسكان الرياض بأن يرضوا به. فالمدارس، والمستشفيات والطرق تكاد تنفجر أو هي انفجرت بالفعل من جراء التكدس الرهيب للبشر، والمركبات.
تأملت في شكوى المواطنين من ساكنين أصليين، ومهاجرين نحو العاصمة، واطلعت على عدد كبير من المقالات، والردود السريعة، والجاهزة، والمعلبة من الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، التي لا تحتاج فقط إلا لتغيير اسم، وعنوان الجهة الطارحة للقضية، بدا لي حقيقة واضحة ليس فيها لبس ولا اجتهاد، مفادها بأن هجرة السكان المتزايدة نحو العاصمة الحبيبة من باقي مناطق المملكة بل ومن كافة دول العالم هي هجرة طبيعية لا غرابة، ولا عجب فيها، ولا أجد للمطالبين بالحد منها أي مبرر منطقي، أو غير منطقي.
إنما السؤال الواجب طرحه من قبلهم ليس لماذا يهاجر الناس نحو الرياض؟ إنما لماذا يبقى الناس أساساً في بقية مناطق المملكة خاصة المنطقتين الجنوبية والشمالية؟ ففي هاتين المنطقتين تحديداً لا شيء يغري سكانها فضلاَ عن زوارها للبقاء فيها، فلا طرق تفي بالحد الأدنى من اشتراطات السلامة، ولا خدمات صحية تعالج على الأقل مصابي حوادث الطرق المفردة المهلكة، والخالية من أبسط اشتراطات السلامة، ولا خدمات بلدية، ولا جسور ولا أنفاق بل إنفاق لا حدود له على الإشارات، والدروع وبعض المظاهر! ولو أخذنا منطقة عسير على سبيل المثال بسبب ما أنعم الله على هذه المنطقة من جوٍ معتدل، وأمطار ليس للتخطيط فيها دور إنما هي هبة إلهية مما يدفع الناس بهذا البلد المعطاء لزيارتها خاصة في فصل الصيف، أقول لو أخذناها كنموذج وقف معظمنا عليه، فإنني أقول قول من شاهد لا من سمع بأنه لا شيء يغري مواطني هذه المنطقة بالبقاء فيها، ونصيحتي لهم ولسكان الشمال بأن يفكروا بشيء من الواقعية، ويتجهوا نحو العـاصمة الحبيبة بحثاً عن كل شيء جميل.