وقع القائمون على مسلسل في حضرة الغياب الذي يجسد سيرة الشاعر الراحل محمود درويش في أكثر من مطبّ ما أدى إلى هجوم كاسح على المسلسل، ولعلّ أكبر المطبات التي وضعتهم في ورطة بعملهم الدرامي هو أنه يعرض بعد 3 سنوات على رحيل الشاعر، ما يعني أن معارف درويش وأصدقاءه وأهله وجمهوره ما زالوا أحياء يرى الكثير منهم مشاهد لا تنطبق على سيرته من خلال معرفتهم بها. فأصدقاء الراحل موجودون في مختلف الدول العربية، وهو ليس شخصية قديمة كـالزير سالم حتى يسرح كاتب السيناريو بخياله ويركب قصصا ومشاهد وحوارات تكمل الحكاية الدرامية بما يتسق مع متطلبات عرض تلفزيوني طوال أيام شهر رمضان المبارك.
إلى ذلك، فإن كثيرا من تفاصيل حياة درويش اليومية يعرفها جمهوره من خلال حديثه عنها في الحوارات التي كانت تُجرى معه، كما أنه ليس بالشاعر النمطي أو المدّعي أو صاحب شخصية مزدوجة كمن يمارسون البوهيمية والفوضوية.. هو ليس كل ذلك وهذا مطب آخر لم يوفق فيه القائمون على المسلسل، إذ أن الراحل حالة خاصة استطاع عبر تكوينه لها التفرغ للكتابة فوصلت قصائده إلى مناهج الأدب في الدول العربية، وإلى عدد كبير من اللغات والبلدان. لذا فالمهمة كانت صعبة جدا على الكاتب حسن يوسف والممثل فراس إبراهيم والمخرج نجدت أنزور. وهم تصدوا – بحسن نية كما نفترض – لتقديم عمل يليق بقامة شعرية، غير أن نتيجة جهدهم لم تكن بالمستوى الذي توقعه المقربون من درويش. فشن هؤلاء الهجوم على العمل ووصل انتقاد بعضهم إلى نظّارة الممثل، وما زال الهجوم مستمرا برغم تبريرات وتصريحات فراس إبراهيم. وبرغم ما قيل عن استشارة البعض من معارف وأهل الراحل حول النص. فمن يهاجمون يرتكزون على حقائق ولحظات عايشوها ومن الصعب أن يتقبلوا أي تغيير أو تحريف على ما رسخ في ذاكرتهم.
أو يتخيلوا قصيدة لدرويش تلقى بغير أدائه المميز الذي ألفوه زمنا، وذاك مطب آخر وقع فيه الممثل، فلم يكن حضوره المنبري بمستوى حضور درويش.