عندما يأتيني اتصال هاتفي أجهله أبدأ بطرح فرضيات حول شخصية المتصل قبل الرد عليه. فالاحتمال الأول أن يكون المتصل مسؤولاً بجهاز حكومي، كنت تناولته بنقد هنا أو هناك. وها هو يحاول القيام بعملية غسل شراع يهذبها تحت مسمى عتب أخوي! أما الاحتمال الثاني (وهو ما أخشاه) أن يأتي الاتصال من جهة ما، كنت كفلت أحداً عندها (وما أكثرهم). وها هو اليوم الموعود لسداد فاتورة طق الصدر. والمثير أن الكثير من الجهات تصر على وضعنا بحرج مع الآخرين عند اشتراطها الكفيل، برغم أن المتقدم بالطلب أيضا موظف، وعندما يتخلف عن السداد تتجاوزه إلى الكفيل متجاهلة المرجع الوظيفي لصاحب الطلب. فما فائدة شرط الوظيفة إذن؟! افتراض ثالث أن يكون المتصل مندوب تسويق لأحد البنوك، أو الشركات (عادة ما تكون مكنسة كهربائية). ولا تسأل من أين له برقم هاتفك، لأن إجابته المعلّبة: أنك عميل مميز وعرضهم للعملاء المميزين فقط (بالأخير يطلع كل عملائهم مميزين). عندها كن أكثر مكراً، وأخبرهم بأن عروضهم مغرية وستدرسها مع المدام (حتى لو كنت عزوبي) ثم تتصل بهم لاحقاً! أما الاحتمال الرابع أن يكون الاتصال خاطئا، وهذا النوع من الاتصالات يلزم معه الكثير من الصبر، لأنه وبينما تخبر المتصل بكل تهذيب أن الرقم خطأ، تفاجأ بإغلاق السماعة في وجهك وأنت من كان ينتظر منه كلمة آسف! هناك توقع خامس يراودني كل شهرين، وهو أن المتصل ليس إلا رسالة صوتية من الاتصالات تشعرك بإصدار فاتورة هاتفك. وكم وددت أن أسأل عن سر اختيار توقيت الرسائل متزامنة مع تناول وجبات الطعام. لأجل تسدون نفوسنا عن الأكل مثلاً؟! الافتراض السادس موسمي تزيد احتماليته وتضعف بحسب توقيته. فمثلا عندما يكون الاتصال نهاية الشهر أو على أبواب المواسم كشهر رمضان أو الأعياد، فالمتصل أحد هواة السلف. ومن خبرته لجأ لهاتف عمومي كي لا يدع مجالاً للهرب منه! أما آخر الاحتمالات وأضعفها ـ إن لم يكن مستحيلاً ـ أن يكون المتصل مندوب جهاز حكومي يبلغك بانتهاء معاملتك، وهي موجودة الآن بصندوق بريدك.. أحلم!