بات نوفمبر يتميز كل عامين في باريس بأنه شهر الصورة. وهي الفكرة التي بدأت في العام 1980، بتخصيص شهر كل عامين يعد بمثابة احتفالية بفن التصوير وباللقطة المميزة. ومع الوقت صار لهذا الشهر خصوصيته التي تميزه سواء من حيث الفكرة أو بسبب تعاون كافة المؤسسات الثقافية وقاعات عرض الفنون في باريس من أجل تطوير الفكرة ومنحها تميزها، حتى أصبحت باريس واحدة من أهم عواصم التصوير في العالم. وكل احتفالية تحمل شعارا بعينه يميزها عما سبقها من احتفاليات، وعلى مدى الشهر تقام العديد من المعارض واللقاءات والنقاشات حول فن التصوير وتطوره.
تتزامن احتفالية هذا العام مع العيد الثلاثيني للفكرة، وتتمركز حول مجموعات البيت الأوروبي للتصوير، وبسبب الاحتفال بثلاثين عاما على شهر التصوير تم تقسيم الأمر بحيث أصبح لكل مجموعة من المجموعات المشاركة شعارها. ويلتف الجميع حول شعارا واحد هو باريس تجمع بكل ما يحمله تجسيد لفرصة رائعة لعرض أكبر مجموعات تصوير في باريس خلال العام.
وبشكل لافت للنظر كان هناك اهتمام خاص وكبير هذا العام بالفضاء الذي خصصه صالون الزواج الشرقي، الذي أقيم منتصف الشهر الحالي، لصور ولقطات (زينة البدو في الصحراء الليبية) وهو معرض صور فوتوغرافية للمصورة الكندية جميلة الوحيدي. والذي من خلاله بدت الأنثى بشكل غير مسبوق، حيث يمكن اكتشاف سر المرأة الليبية، ربما للمرة الأولى في فرنسا. وخلال المعرض تم استعراض لقطات لوجوه فتيات صغيرات ونساء حرصن على إظهار إرث هام في الثقافة العربية عامة والليبية خاصة، عبر اهتمام النساء بربط فتياتهن بالزي التقليدي والتراثي لبلادهن.
وربما ما لفت نظر النقاد والزائرين هو ما عكسته صور المعرض من غيرة حقيقية على التقاليد العريقة، كما أنها تمثل في ذات الوقت دعوة للحفاظ على ثروة من الثقافة والخبرات يجب على النساء العربيات تكريسها في نفوس الصغار، خصوصا في وقت بدأ المرء يشعر فيه ببداية فقدان هذه الطقوس والعادات في زمن الحداثة.
وبحسب المصورة المعروفة جميلة الوحيدي، أن النساء العربيات فقدن في السنوات الأخيرة السمة المميزة لهن وبدأن اللهاث خلف الحديث دون أي التفاتة للتراث الثقافي الذي يميزهن عن غيرهن من نساء العالم. إلا أنه من الملاحظ في هذه الأونة إدارك كبير من قبل النساء لأهمية تمسك الصغار بالتقاليد الموروثة عبر الاهتمام بالزي التقليدي. من هذا المنطلق جاءت أهمية اللقطات التي تعبر عن لحظة توقف للزمن حتى يوجه الدعوة إلى رحلة مع التراث شديد الثراء لثقافة الصحراء في بلادنا.
يذكر أن المصورة الكندية من أصل ليبي جميلة الوحيدي شاركت في معرض الصور التجريدية الأخير الذي أقيم في جدة .